الأربعاء، 05 فبراير 2025

05:48 م

"الغزال المصري" .. رمز الجمال والرشاقة مهدد بالانقراض في صحراء مصر

الأحد، 02 فبراير 2025 03:22 م

محمد عماد

"الغزال المصري" .. رمز الجمال والرشاقة  مهدد بالانقراض في صحراء مصر مخ

"الغزال المصري" .. رمز الجمال والرشاقة مهدد بالانقراض في صحراء مصر مخ

لطالما كان الغزال المصري رمزًا للجمال والرشاقة في الثقافة العربية، حتى أن شاعرنا الكبير، ابن نباتة المصري، عبر في القرن الرابع عشر عن جماله الساحر في قصيدته الشهيرة "بروحي من نصّ الغزال لها الوَلا"، ليصف ذلك الجمال الذي يزين صحراء مصر، تلك الصحراء التي كانت ذات يوم مأوى لهذه الكائنات الرقيقة. ورغم ما أُشيع عن جماله ورقة جسده، إلا أن الغزال المصري – الذي كان يُزين صحراءنا الشرقية والغربية وسيناء – أصبح اليوم مهددًا بالاختفاء والاندثار. فبعد أن كان يشغل مساحة كبيرة في الحياة البرية المصرية، تناقصت أعداده بشكل ملحوظ خلال العقود الأخيرة نتيجة الصيد الجائر وفقدان موائله الطبيعية.

الغزال المصري: طبيعته، بيئته، وسلوكه

الغزال المصري، الذي يُعرف أيضًا بأسماء مثل "غزال الرمال" و"غزال دوركاس"، يعتبر من أصغر أنواع الغزلان في العالم. على الرغم من صغر حجمه، حيث يتراوح طوله بين 80 إلى 110 سم ووزنه بين 15 و20 كيلوغرامًا، إلا أنه كان واحدًا من أبرز الكائنات التي تميز الحياة البرية في مصر. يعيش هذا الغزال في بيئات قاسية مثل الصحراء الشرقية وصحراء سيناء، حيث يمكنه تحمل درجات الحرارة المرتفعة ويستطيع العيش لفترات طويلة دون شرب الماء، مستعينًا بالنباتات الصحراوية التي تحتفظ بالمياه.

يتميز الغزال المصري بجسمه الرشيق ولونه الذي يتدرج بين الرملي الفاتح والبني المحمر. يتواجد غالبًا في مجموعات تتكون من ذكر بالغ وعدة إناث وأطفال، وقد يتنقل في مجموعات أكبر من هذا. على الرغم من الظروف البيئية القاسية التي يعيش فيها، يعتبر الغزال المصري كائنًا ليليًا، حيث يبحث عن غذائه خلال الليل هروبًا من حرارة النهار. كما أن لديه قدرة مذهلة على الهروب بسرعة، تصل إلى 80 كيلومترًا في الساعة، إذا شعر بالخطر.

الغذاء والتكاثر

الغزال المصري يتغذى بشكل رئيسي على نباتات صحراوية مثل نباتات الأكاشيا، التي تعتبر أحد أهم مصادر غذائه. تتمتع الأكاشيا بقدرة على تحمل الجفاف بفضل جذورها العميقة التي تصل إلى أكثر من 15 مترًا، ما يتيح لها تخزين المياه لفترات طويلة. كما أن الغزال المصري يتغذى أيضًا على أوراق الشجر، البذور، الأزهار والفاكهة التي يعثر عليها في بيئته الصحراوية.

فيما يتعلق بالتكاثر، يلد الغزال المصري في فترات معينة من السنة، وغالبًا ما يحدث هذا في شهري سبتمبر ونوفمبر. مدة حمل الغزال المصري تصل إلى 6 أشهر، حيث يولد الجمل الصغير الذي يظل يتغذى على حليب أمه لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يبدأ الفطام. كما أن هذا النوع من الغزلان يحرص على إطعام صغاره وتوفير الحماية لهم في بيئة صحراوية قاسية.

التهديدات التي يواجهها الغزال المصري

رغم جماله ورشاقته، لم يرحم الإنسان الغزال المصري، إذ أصبح الصيد الجائر أحد التهديدات الرئيسية التي تواجه هذا الكائن الجميل. فقد تراجعت أعداد الغزال المصري بشكل كبير، وفقًا للإحصاءات الرسمية، حيث اختفى نحو 95% من أعداده خلال العشر سنوات الماضية. ويعيش المتبقي من هذه الفصيلة في مناطق محدودة مثل الصحراء الشرقية، محمية جبل علبة جنوب البحر الأحمر، وغيرها من المناطق النائية.

يعد الصيد غير القانوني، بالإضافة إلى تدمير موائل الغزال بسبب التوسع العمراني والأنشطة الزراعية، من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور أعداد هذا الحيوان في البرية. لهذا السبب، تم تصنيف الغزال المصري ضمن الأنواع المهددة بالانقراض، وأصبح محط اهتمام الجهات البيئية. وقد وضعت الاتفاقيات الدولية مثل CITES ضوابط صارمة تحظر الاتجار بالغزال المصري في الأسواق الدولية.

الحفاظ على الغزال المصري

في إطار جهود حماية هذا الكائن المهدد بالانقراض، تبنت وزارة البيئة المصرية سلسلة من الإجراءات الوقائية. تم فرض قوانين صارمة على صيد الغزال المصري، مع فرض عقوبات قاسية تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات وغرامة تصل إلى 50 ألف جنيه لمن يخالف هذه القوانين. كما تم إنشاء محميات طبيعية لحماية هذا النوع، ومنها محمية جبل علبة، التي توفر بيئة آمنة للغزال المصري.

علاوة على ذلك، يُعد الغزال المصري اليوم من الأنواع التي تم إدراجها في قائمة الأنواع المحمية عالميًا، حيث يتم مراقبة أعداده من قبل السلطات المعنية لضمان بقائه في بيئته الطبيعية. ويُشرف الخبراء البيئيون على مشاريع تهدف إلى زيادة أعداد الغزال المصري، عن طريق عمليات التكاثر في الأسر ونقل بعض الأفراد إلى محميات جديدة.

مستقبل الغزال المصري

بينما لا يزال الغزال المصري مهددًا بالانقراض، فإن هناك أملًا في الحفاظ على هذا الكائن الجميل بفضل الجهود البيئية المستمرة. مع تزايد الوعي البيئي في المجتمع المصري، وزيادة التعاون بين الجهات الحكومية والمنظمات البيئية، يمكن أن نجد في المستقبل الغزال المصري يعود ليزين صحراء مصر من جديد، كما كان في الماضي.

الغزال المصري، ذلك الكائن الرشيق الذي ألهم الشعراء وارتبط تاريخيًا بالثقافة العربية، يجب أن يحظى بالحماية والاهتمام، لا فقط بسبب جماله الفريد، بل أيضًا لأنه يشكل جزءًا من التراث الطبيعي الغني الذي يجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة.


تربية القطط في مصر: الأنواع و الأسعار والتطعيمات والأعراض بعد التطعيم

"حارس معبد فيلة".. القط الذي يعيد إحياء أسطورة القطط الفرعونية

قط الماو المصري.. سلالة فرعونية نادرة وذكية سعرها يصل 2000 دولار

search