السبت، 19 أبريل 2025

03:57 م

وكيل الأزهر يدعو شباب الدبلوماسية إلى استغلال القوة الناعمة للأزهر في تمثيل مصر بالخارج

الأحد، 02 فبراير 2025 03:05 م

السيد الطنطاوي

دكتور محمد الضويني

دكتور محمد الضويني

أكد فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، أن الأزهر الشريف بوصفه مؤسسة دينية ذات رسالة عالمية، نشأ منذ أكثر من ألف عام، كمنارة للعلم والعلماء، وقبلة للطلاب من شتى بقاع الأرض؛ فهو قلعة المعرفة الوسطية المعتدلة التي لا تعرف الغلو ولا الشطط، تَمسَّك بمنهج مستقيم في فهم القرآن والسُّنَّة، وانفرد بأنه مؤسسة لم تنقطع عن رسالتها ودورها طوال تاريخها.

جاء ذلك خلال محاضرة، ألقاها وكيل الأزهر لطلاب الدفعة الثالثة من برنامج الدبلوماسية الشبابية، الذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة، والتي جاءت حول "دور الأزهر الشريف ورسالته العالمية"، دعا خلالها شباب الدبلوماسية؛ للتأثير على السياسة اإلى ضرورة أن يعوا أهمية استغلال القوة الناعمة العالمية التي يمثلها الأزهر لمصر في الخارج، مشيرًا إلى انفتاح الأزهر على العالم، ومده لجسور الحوار مع قادة الأديان، مثل: كنيسة كانتربري، والفاتيكان، ومجلس الكنائس العالمي؛ لترسيخ السلام والأمن العالمي، وتصحيح الصورة المغلوطة التي صدَّرها الإرهاب عن الإسلام.
 وأكد الدكتور الضويني خلال محاضرته لطلاب الدفعة الثالثة من برنامج الدبلوماسية الشبابية، الذي تنظمه وزارة الشباب والرياضة، والتي جاءت حول “دور الأزهر الشريف ورسالته العالمية” أن الأزهر مؤسسة وطنية بامتياز، تحظى بتقدير كبير من الدولة والشعب المصري، كما أن الأزهر يدرك جيدًا معنى الدولة ووجوب المحافظة على أراضيها وحدودها، موضحًا كيف وقف الأزهر طوال تاريخه داعمًا للشعب والقوى الوطنية في مواجهة أطماع المحتلين والمستعمرين المتربصين.

 واستعرض الدكتور الضويني لشباب الدبلوماسيين، جهود الأزهر وقطاعاته المختلفة التعليمية والدعوية والمحلية والعالمية، موضحًا أن قطاع التعليم بالأزهر يشمل التعليم الجامعي وقبل الجامعي الذي يتمثل في قطاع المعاهد الأزهرية وما يضمه من معاهد، وصل عددها إلى (11) ألف معهد أزهري، منتشرة في جميع محافظات ومراكز وقرى جمهورية مصر العربية، والتي أسهم الشعب المصري في إنشاء معظمها تطوعًا وتبرعًا منه، حبًّا وارتباطًا بهذه المؤسسة العريقة، وإيمانًا بالدور القوي للتعليم الأزهري في تنشئة الأبناء، موضحًا أن عدد المنتسبين للتعليم الأزهري وصل إلى حوالي (3) مليون طالب، يحفظون القرآن الكريم، ويَدرُسون مختلف العلوم الشرعية والعربية، بجانب المناهج العلمية والثقافية لوزارة التربية والتعليم، إضافة إلى اللغات الأجنبية، مؤكدًا أن التعليم الأزهري يتطور باستمرار بما يواكب الواقع ومقتضياته ويتناسب مع العصر؛ ليُخرِّج طالبًا أزهريًّا ملمًّا بقضايا الدين والدنيا. 

وعن التعليم الجامعي بالأزهر، أوضح الدكتور الضويني، أن جامعة الأزهر تضم الآن (96) كلية، موزعة في مقر الجامعة بالقاهرة وفرعيها بالوجهين: البحري، والقبلي، منها (6) كليات للطب: ثلاثة للبنين، وثلاثة للفتيات، بالإضافة لكليات: الهندسة، والصيدلة، والتجارة، والزراعة، والعلوم، والدراسات الإنسانية، واللغات، والترجمة، فضلًا عن الكليات الأزهرية الأصيلة كأصول الدين، والشريعة والقانون، واللغة العربية، موضحًا أن جامعة الأزهر بها الآن ما يقرب من (450) ألف طالب مصري، و(60) ألف طالب وافد، ينتمون إلى أكثر من 120 دولة حول العالم، معظمهم يدرس بالأزهر بشكل مجاني، ويتم توفير الإقامة والإعاشة المجانية له على نفقة الدولة المصرية؛ بما يعظم الدور المصري العالمي تجاه دول هؤلاء الطلاب، مشددًا على أن مصر لم تبخل عليهم بشيء على الرغم من الصعوبات التي تتخطاها الدولة. 

وأضاف الدكتور الضويني، أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، أحيا دور أروقة الجامع الأزهر، ووجَّه بتعظيم دورها والاستفادة منها؛ حتى انتشرت الآن في جميع أنحاء الجمهورية، ووصل عددها (١٢٥٠) رواقًا للعلوم الشرعية والقرآن الكريم، يستفيد منها قرابة (٢٠٠) ألف طالب علم، بشكل مجاني دون مقابل، مؤكدًا أن هذه الأروقة شَكَّلت نقلة نوعية إيجابية لنشر المنهج الأزهري خاصة بين الدارسين من غير أبناء الأزهر بمختلف أعمارهم، وأسهمت بشكل كبير في ترسيخ الفكر الإسلامي الصحيح في عقول الناس، ونقل الصورة الصحيحة للإسلام إليهم دون تحريف أو غلو، وتعميق التواصل مع أبناء المجتمع المصري، والحفاظ على النسيج الوطني. 

وتحدث وكيل الأزهر، عن الجانب الدعوي للأزهر الشريف، والذي يشمل عدة قطاعات، تتمثل في: مجمع البحوث الإسلامية، والجامع الأزهر، وهيئة كبار العلماء، ومركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ومرصد الأزهر لمكافحة التطرف، موضحًا أن مجمع البحوث الإسلامية يندرج تحته: إدارة للوعظ والإعلام الديني، تضم ما يزيد عن (4000) واعظ وواعظة، هؤلاء مُعدُّون ومدربون لشئون الدعوة النوعية التي تجوب المراكز والهيئات والمؤسسات، مثل: المستشفيات، ومراكز التأهيل، ومراكز الشباب، وغيرها، التي تضم جمهورًا في حاجة إلى رجل الدين الذي يوضح ويُبين لهم الرأي الشرعي الصحيح في المسائل التي يهتمون بها، مضيفًا أن مجمع البحوث الإسلامية يقوم أيضًا بتدريب وإيفاد المبتعثين سنويًّا إلى مختلف الدول؛ لنشر صحيح الدين. 

كما تم إنشاء أكاديمية الأزهر الشريف لتأهيل وتدريب الأئمة والدعاة والوعاظ وباحثي وأمناء الفتوى؛ من أجل تجديد الفكر الديني، وتعميق الخطاب الدعوي، وتزويد الدعاة والمفتين بالمهارات التي تساعدهم على مواجهة الأفكار المتطرفة، وترسيخ قيم التعايش والحوار وقَبول الآخر؛ وفقًا لقواعد المنهج الأزهري القويم. وتابع وكيل الأزهر حديثه مع الشباب، متناولًا دور مرصد الأزهر في مكافحة الفكر المنحرف والمتطرف، ليس في مصر فقط، بل في كل دول العالم؛ حيث يعمل بأكثر من عشر لغات مختلفة، مؤكدًا أنه كان له دور بارز في مواجهة الفكر الداعشي، معتمدًا على الكلمة والفكر والبيان، ومنهج الأزهر الوسطي المستنير.

 كما تحدث فضيلته عن دور مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، وأنشطته المكثفة؛ لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم، وذلك من خلال برامج متكاملة، وحضور متواصل على جميع المنصات الإعلامية، وفى الميادين المختلفة؛ لمواجهة خطابات الفكر المتطرف بأشكاله المختلفة، وتفنيد شبهاتها وأباطيلها، والإسهام في القضاء على فوضى الفتاوى وتصحيح الأفكار المغلوطة؛ من أجل تحصين المسلمين -لا سيما الشباب- من السقوط في براثن التطرف، مع إمداد المسلمين بالفتاوى والعلوم الشرعية المنضبطة والصحيحة في شتى بقاع الأرض. 

وتناول وكيل الأزهر دور "بيت العائلة المصرية" في الحفاظ على النسيج الوطني للشعب المصري، موضحًا أنه من أبرز المؤسسات التي تجمع الأئمة والقساوسة، والتي ساعدت في حل العديد من المشكلات في المجتمع، وكانت خير مثال على المواطنة؛ حيث جاء إدراكًا لقوة العَلاقة التاريخية بين جناحي الوطنِ (مُسلميه ومسيحييه)، ولقطع الطريق على أية محاولة للعبث بهذه العلاقة وبما يترتب عليها من محاولات ضرب استقرار الوطن، مؤكدًا أنه لم يتوقف العمل في بيت العائلة المصرية منذ إنشائه؛ فقد أُنشئت فروع له بالمحافظات؛ حتى لا يظن بعض الناس أن بيت العائلة مجرد اسم بدون وجود على أرض الواقع، ولعب دورًا كبيرًا في وأد الفتنة الطائفية، وعمل على حل العديد من النزاعات؛ لتوحيد النسيج المجتمعي، لافتًا إلى أن نجاح تجربة بيت العائلة المصرية محليًّا، شجَّع على نقل تجربته للعالمية؛ فكانت وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقَّعها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي، في الرَّابع من فبراير عام 2019م، والذي اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا بالإجماع بإعلان هذا اليوم “يومًا دوليًّا للأخوة الإنسانية” ضمن مبادرة قادتها كل من: دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية مصر العربية؛ حيث دعت فيه الدول الأعضاء والمنظمات الدولية كافة إلى الاحتفال سنويًّا بهذا اليوم.


 

search