الخميس، 06 فبراير 2025

12:48 ص

مالي تشن حربًا على المناجم غير الشرعية في مواجهة التنظيمات الإرهابية

الخميس، 30 يناير 2025 01:38 م

محمد عماد

التنقيب غير القانوني عن الذهب في مالي

التنقيب غير القانوني عن الذهب في مالي

أعلن المجلس العسكري الحاكم في دولة مالي عن حربه ضد التنقيب غير القانوني عن الذهب في المناجم التي تقع خارج سلطة الدولة. وتعد هذه المناجم، التي شهدت انتشارًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، مصدرًا رئيسيًا لتمويل الجماعات الإرهابية وشبكات الجريمة التي تنشط في منطقة الساحل، لا سيما في مالي. وقد أكدت الحكومة المالية أن هذه الأنشطة تمثل تهديدًا للأمن الوطني والاقتصاد والبيئة على حد سواء، ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات صارمة بهدف القضاء على هذه الظاهرة.

أزمة التنقيب غير القانوني وتأثيراتها

خلال اجتماع حكومي يوم الأربعاء الماضي، صرح وزير المعادن المالي، أمادو كيتا، بأن التنقيب عن الذهب غير القانوني قد أصبح ظاهرة خطيرة تضر بالبلاد. وأشار إلى أن عمليات التعدين العشوائية ليست فقط تهدد البيئة المحلية ولكنها تمثل أيضًا خطرًا على حياة المواطنين، إذ يمكن أن تؤدي إلى انهيارات قاتلة بسبب طبيعة النشاطات الخطيرة في المناجم غير الشرعية. وتتمثل إحدى أبرز مشكلات هذه المناجم في عدم قدرة الحكومة على السيطرة عليها أو فرض الأمن في مناطق التنقيب.

وقد تمكنت الحكومة من تفكيك 61 موقعًا غير قانوني في الفترة الماضية، وصادرت 286 حفارة و63 مركبة، لكنها أكدت أن الوضع لا يزال يتدهور بسرعة، مع تزايد استخدام المعدات الثقيلة في عمليات التعدين، وهو ما يزيد من تدمير البيئة وتهديد موارد المياه، فضلًا عن تمويل التنظيمات الإرهابية التي تستفيد من عوائد الذهب المهرب.

تمويل الإرهاب من خلال مناجم الذهب

الوزير كيتا أكد في تصريحاته أن العائدات الضخمة الناتجة عن التنقيب غير القانوني عن الذهب تمثل أحد المصادر الرئيسية لتمويل الإرهاب في المنطقة. فحينما يتم تهريب الذهب إلى الأسواق الدولية، يتم استخدام هذه العوائد في تمويل شبكات تهريب المخدرات والأسلحة، إضافة إلى دعم الأنشطة الإرهابية. وأوضح أن التنظيمات الإرهابية، قد سيطرت على العديد من المناجم في شمال ووسط مالي، وكذلك في المناطق الحدودية مع النيجر وبوركينا فاسو. ومن خلال هذه الأنشطة، تمكنت هذه الجماعات من تحقيق تمويل مستمر يساعدها في تجنيد المقاتلين وشراء الأسلحة.

الحكومة المالية تتخذ خطوات حاسمة

لتصحيح هذا الوضع، أعلنت الحكومة المالية عن خطة محكمة للتخلص من المناجم غير القانونية، حيث ستنفذ الحكومة مجموعة من الإجراءات على المدى القصير والمتوسط والطويل. وقد بدأت الحكومة بالفعل في تعزيز الرقابة على مناطق التنقيب من خلال تكثيف الدوريات الأمنية والعسكرية، مع تعزيز التنسيق بين الشرطة والدرك لمكافحة هذه الأنشطة غير القانونية.

في نفس السياق، تسعى الحكومة إلى نشر التوعية بين السكان المحليين حول مخاطر التنقيب غير القانوني، وتأثيره على حياتهم والمجتمعات التي يعيشون فيها. وأكدت الحكومة أن هذه المناجم تساهم في تأجيج النزاعات المحلية، والتي غالبًا ما تكون ذات طابع قبلي أو عرقي. ويهدف برنامج التوعية إلى الحد من هذه النزاعات وتعزيز السلام الاجتماعي في مناطق التعدين.

تحديات الإصلاح في قطاع التعدين

في إطار جهود الحكومة لتعزيز الشفافية والمساءلة في قطاع التعدين، أُدرِجت إصلاحات شاملة تهدف إلى تحسين الحوكمة في هذا القطاع. لكن هذه الإصلاحات قد تواجه صعوبة في تنفيذها، خصوصًا في ظل الاتهامات المتزايدة بالفساد داخل هذا القطاع، مما يجعل مهمة مكافحة التعدين غير الشرعي تحديًا كبيرًا للسلطات المالية.

التوترات مع "فاغنر" والشركات الأجنبية

إعلان الحكومة المالية الحرب على المناجم غير الشرعية يعيد إلى الأذهان التقارير التي تحدثت عن علاقة الحكومة المالية مع مجموعة "دولية، التي تقدم خدمات عسكرية مقابل الحصول على امتيازات في قطاع التعدين، بما في ذلك مناجم الذهب. 

وقد بلغ التوتر ذروته عندما قررت الحكومة المالية مصادرة 3 أطنان من الذهب كانت مخزنة في منجم "لوولو-غونكوتو" التابع لشركة "باريك غولد"، وهو ما يعادل نحو ربع مليار دولار أمريكي. وأثارت هذه الخطوة انتقادات كبيرة من قبل بعض الشركات الغربية، بينما أبدت الحكومة المالية تصميمها على متابعة هذا المسار لضمان استعادة السيطرة على موارد الذهب التي تعتبر من أهم الثروات الطبيعية في البلاد.

 

على الرغم من أن الحكومة المالية قد اتخذت خطوات ملموسة لمكافحة التنقيب غير القانوني عن الذهب، فإن المراقبين يتوقعون أن تستمر الحرب ضد هذه المناجم لفترة طويلة، نظرًا لتعقيد هذه القضية وأبعادها المتعددة. سيظل الوضع الأمني في البلاد متأثرًا بشكل كبير بأنشطة الجماعات الإرهابية التي تواصل استغلال المناجم لتغذية عملياتها.

من جهة أخرى، يظل التحدي الأكبر في تحسين الحوكمة في قطاع التعدين، حيث لا يمكن ضمان شفافية العمليات بدون إصلاحات حقيقية وشاملة، وهو أمر قد يتطلب وقتًا طويلًا. وفي النهاية، تبقى جهود الحكومة في مواجهة التعدين غير القانوني جزءًا من حرب أوسع ضد الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل الإفريقي.

التصعيد في شرق الكونغو الديمقراطية: صراع معقد أم أجندة خفية؟

حركة "إم 23" في الكونغو الديمقراطية.. تمرد متجدد يقلب الموازين في شرق البلاد

مقتل العراقي سلوان موميكا بالرصاص في السويد بعد عام من حرقه للمصحف

search