حركة "إم 23" في الكونغو الديمقراطية.. تمرد متجدد يقلب الموازين في شرق البلاد
الخميس، 30 يناير 2025 01:09 م
محمد عماد
حركة "إم 23" في الكونغو الديمقراطية
تعيش جمهورية الكونغو الديمقراطية على وقع أحداث دامية مع تزايد نفوذ حركة "إم 23" المسلحة، التي تمكنت، بدعم من رواندا، من السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة غوما في شرق البلاد، وذلك بعد هجوم خاطف استمر عدة أيام، وأدى إلى سقوط نحو 100 قتيل وآلاف الجرحى، وسط تصاعد الأزمة الإنسانية في الإقليم المضطرب.
في الساعات الأخيرة، استولت قوات "إم 23" على مطار غوما وأجزاء كبيرة من وسط المدينة وأحيائها، في تطور دراماتيكي يزيد من تعقيد الصراع المستمر منذ عقود في منطقة تعج بالجماعات المسلحة التي تتلقى دعما إقليميا متباينا منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
ما هي حركة "إم 23"؟
تأسست حركة "إم 23" عام 2012، بعد انهيار اتفاق سلام وقع عام 2009 بين حكومة كينشاسا ومجموعة من المتمردين. وتعد الحركة الجناح المسلح لإثنية التوتسي في الكونغو الديمقراطية، وتواجه قيادتها اتهامات بالارتباط بحكومة رواندا.
ورغم أن "إم 23" تعرضت لهزائم كبيرة في عام 2013، أجبرتها على الانسحاب من معاقلها، فإنها عادت بقوة خلال الأعوام 2021 و2022 و2023، حيث شنت عمليات عسكرية واسعة ضد الجيش الكونغولي، ونجحت في الاستيلاء على مساحات استراتيجية، خصوصا في إقليم كيفو الشمالية.
الصراع العسكري وتمدّد "إم 23"
على مدار عام 2024، خاضت "إم 23" معارك عنيفة ضد الجيش الكونغولي، وبلغت ذروتها في ديسمبر الماضي، عندما تمكنت من السيطرة على بلدة مينوفا، التي تعتبر خط إمداد رئيسي للقوات الحكومية. وبعد ذلك، تقدمت إلى بلدة ساكي، التي تبعد نحو 20 كيلومترا عن العاصمة الإقليمية غوما، مما مهد الطريق لاقتحام المدينة لاحقًا.
وكانت الأمم المتحدة قد أكدت سابقًا أن الحركة تستفيد من دعم عسكري من رواندا، وهو ما دفع حكومة الكونغو إلى اتهام جارتها بالتورط المباشر في الحرب، وهو اتهام تنفيه كيغالي بشدة.
خلفية تاريخية: جذور التمرد
تمتد جذور "إم 23" إلى التمردات المسلحة التي شهدتها الكونغو منذ منتصف التسعينيات. فبعد الإطاحة بالرئيس موبوتو سيسي سيكو عام 1996 بدعم من رواندا، اندلعت موجة جديدة من الصراع عام 1998 ضد حكم جوزيف كابيلا، واستمرت حتى 2003. ومن ثم تجددت الأعمال القتالية في الأعوام 2006 و2009، قبل أن تبرز "إم 23" عام 2012 كمجموعة منشقة عن الجيش الكونغولي.
وخلال فترات نشاطها، تمكنت الحركة من تحقيق انتصارات ميدانية كبرى، أبرزها السيطرة على مدينة غوما لفترة وجيزة في نوفمبر 2012. إلا أن الجيش الكونغولي، بدعم من قوات حفظ السلام الأممية، نجح في إلحاق الهزيمة بها عام 2013، ما أدى إلى تفككها جزئيًا ونفي العديد من مقاتليها إلى رواندا وأوغندا.
لكن بعد نحو تسع سنوات من الهدوء النسبي، عادت "إم 23" إلى الواجهة أواخر عام 2021، حيث بدأت عملياتها العسكرية في شمال كيفو، مستفيدة من هشاشة الوضع الأمني والانقسامات السياسية داخل الكونغو.
قد يهمك: شرق الكونغو: مئات الآلاف يفرون والاحتجاجات تشتعل ضد السفارات
رغم الجهود الإقليمية والدولية للوساطة، فإن الأزمة تفاقمت، إذ كانت أنغولا قد قادت وساطة بتكليف من الاتحاد الإفريقي، لكن المحادثات انهارت بسبب رفض حكومة الكونغو إجراء حوار مباشر مع "إم 23"، التي تعتبرها جماعة إرهابية مدعومة من رواندا.
ومع تعثر الجهود الدبلوماسية، تصاعدت حدة القتال في أواخر 2024 وبداية 2025، حيث سيطرت "إم 23" على مزيد من الأراضي في شمال كيفو، مما أدى إلى نزوح أكثر من ربع مليون شخص حتى منتصف يناير 2025، وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية في الإقليم.
مع احتدام القتال في شرق الكونغو، انتقلت تداعيات الأزمة إلى العاصمة كينشاسا، حيث اندلعت مظاهرات حاشدة أمام السفارات الأجنبية، احتجاجًا على ما وصفه المحتجون بـ"التواطؤ الدولي" في عدم وقف تقدم المتمردين.
وشهدت العاصمة هجمات على سفارات فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة وكينيا وأوغندا وجنوب إفريقيا، بينما أحرق المتظاهرون إطارات أمام مبنى السفارة الرواندية. وعلى خلفية هذه الأحداث، دعت السفارة الأمريكية مواطنيها إلى مغادرة البلاد، ووصفت المسؤولة الأوروبية كايا كالاس الهجمات بأنها "غير مقبولة ومقلقة للغاية".
في غضون ذلك، حضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي رواندا على سحب قواتها من شرق الكونغو، في محاولة لاحتواء التصعيد، إلا أن رواندا نفت مرارًا أي تورط مباشر لها في الصراع.
الكونغو.. أرض الموارد والنزاعات
تعتبر جمهورية الكونغو الديمقراطية واحدة من أغنى دول العالم بالموارد الطبيعية، حيث تحتوي على معادن ثمينة مثل التنتالوم والقصدير والتنغستن والذهب، التي تعد أساسية في صناعة الهواتف الذكية والتكنولوجيا الحديثة.
ورغم هذه الثروات الهائلة، تعاني البلاد من اضطرابات سياسية وأمنية متكررة، حيث تتصارع القوى المحلية والدولية على النفوذ، بينما تظل السكان المدنيون أكبر ضحايا هذا النزاع المستمر منذ عقود.
هل يتوقف النزاع؟
مع استمرار الصراع، يظل المشهد في شرق الكونغو مفتوحًا على جميع الاحتمالات. فبينما تؤكد الحكومة الكونغولية عزمها استعادة السيطرة على أراضيها، تبدو حركة "إم 23" أكثر تنظيمًا وتسليحًا من أي وقت مضى، مما يجعل من الصعب حسم النزاع عسكريًا دون تدخل دولي فعال.
ويظل الحل السياسي الخيار الأكثر استدامة لإنهاء دوامة العنف، إلا أن غياب الثقة بين الأطراف المتصارعة، والتدخلات الإقليمية المتشابكة، يجعلان تحقيق السلام في المنطقة أمرًا بعيد المنال في المستقبل القريب.
مقتل العراقي سلوان موميكا بالرصاص في السويد بعد عام من حرقه للمصحف
الهند تعبر عن قلقها إزاء مشروع سد الصين الضخم في التبت
عشرات القتلي والمصابين بتدافع في مهرجان "كومبه ميلا" الديني في الهند
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025
05 فبراير 2025 04:54 ص
الكويت تواصل تنفيذ سياسة التكويت: إنهاء خدمات غير الكويتيين واستبدالهم بالمواطنين
05 فبراير 2025 04:41 ص
أكثر الكلمات انتشاراً