الأربعاء، 05 فبراير 2025

11:52 ص

أحمد محارم يكتب: أنيس منصور الذي حيرنا معه حياً وميتاً

الثلاثاء، 28 يناير 2025 11:31 ص

أحمد محارم

أحمد محارم

أعتبر نفسي واحداً من ملايين الشباب، الذين تأثروا بكتابات أنيس منصور، الكاتب الذي ترك بصمة لا تُمحى في الأدب العربي، خلال حياته وحتى بعد رحيله. فقد أثرى المكتبة العربية بـ 245 كتاباً تنوعت موضوعاتها، إلا أن أدب الرحلات كان الأبرز بينها. وكتابه الأشهر “حول العالم في 200 يوم” كان علامة فارقة، حيث أُعيدت طباعته 22 مرة، وبيعت منه ملايين النسخ. هذا الكتاب فتح باب الأمل لكل من كان يحلم بالسفر أو الهجرة، وألهم أجيالاً لاستكشاف العالم.

على الصعيد السياسي، لم تكن علاقة أنيس منصور بجمال عبد الناصر جيدة، لكن نقطة التحول في حياته، جاءت مع الرئيس السادات، الذي أعجب بذكائه وحبه للمعرفة. إجادة منصور لعدة لغات، من بينها العبرية، جعلته السفير الثقافي للسادات، في لقاءات مع شخصيات سياسية يهودية في إسرائيل وحول العالم، ما أضاف بعداً جديداً لمسيرته المهنية.

بداية معرفتي بأنيس منصور
بدأت علاقتي به في أوائل الثمانينيات، من خلال قريبي الحاج سيد عاشور، تاجر المانيفاتورة بمنطقة الأزهر في القاهرة، والذي كان صديقاً للدكتور حسن ظاظا، أستاذ اللغات الشرقية بجامعة الإسكندرية. كلاهما كان يجيد العبرية، وكانا يحضران صالوناً ثقافياً أسبوعياً في منزل ظاظا، بمنطقة الشاطبي في الإسكندرية مساء كل سبت.

رافقتهما ذات مرة إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، حيث كان ظاظا يسجل برنامج “من قلب إسرائيل”، الذي كان يُذاع يومياً على إذاعة الشرق الأوسط. أما الحاج سيد عاشور، فكان له عدة مؤلفات مهمة مثل “اليهود ليسوا تجاراً بالنشأة” و“الربا في الشريعة اليهودية”.

اللقاء الأول
التقيت أنيس منصور لأول مرة، في مكتبه بمجلة أكتوبر برفقة ظاظا وعاشور. كان اللقاء بمثابة نافذة على عالم من الفكر والثقافة. لاحقاً، تكررت اللقاءات في الإسكندرية، وكان من دواعي سعادتي أن أكون أحد المقربين له.

إرث أدبي وتأثير واسع
ما زلت أحتفظ بعدد كبير من كتب أنيس منصور، التي تركت أثراً كبيراً على الشباب المصري والعربي. كتابه “الخالدون مائة وأعظمهم محمد”، كان واحداً من تلك الكتب التي نالت إعجاب الكثيرين. أتذكر تعليقاً للصديق العزيز الأستاذ أيمن السميري، ابن المنصورة، حول اختلاف عنوان الكتاب في الترجمة العربية عن الأصل الإنجليزي “The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History” لمايكل هارت. يرى السميري، وأتفق معه، أن العنوان العربي ساهم في تعزيز انتشار الكتاب في مصر والمنطقة العربية.

جدل لا ينتهي
أنيس منصور كان ولا يزال مثيراً للجدل، سواء في حياته أو بعد وفاته. لكنه سيظل واحداً من أبرز المفكرين، الذين أثروا طرق تفكير أجيال، بأعماله التي جمعت بين الأصالة والحداثة، وشكلت جسراً بين الثقافات المختلفة. إن إرثه الأدبي والفكري سيظل خالداً في ذاكرة الأدب العربي.
سيبقى أنيس منصور، رمزاً للإبداع، وشخصية أثرت بعمق في طرق تفكيرنا، وألهمتنا أن نرى العالم من منظور مختلف، حياً وميتاً.

search