الأحد، 12 يناير 2025

05:04 م

كارثة حرائق لوس أنجلوس: أسباب سرعة انتشار النيران وتأثيراتها الكارثية

السبت، 11 يناير 2025 12:15 م

باسم ياسر

حرائق لوس انجلوس

حرائق لوس انجلوس

في صباح يوم 7 يناير/كانون الثاني، استيقظ سكان حي باسيفيك باليساديس غرب لوس أنجليس على مشهد مرعب: أعمدة الدخان تتصاعد من التلال القريبة. 

لم يكن أحد يتخيل أن هذه البداية الصغيرة ستتحول إلى كارثة حقيقية. 

بدأت النيران بتغطية مساحة تقارب 10 أفدنة فقط، لكنها سرعان ما امتدت لتصل إلى أكثر من 200 فدان في غضون 25 دقيقة فقط.

على مدار اليومين التاليين، التهمت النيران المنازل والمسارح والمتاجر والمدارس، لتغطي بحلول 9 يناير مساحة هائلة بلغت 17,234 فداناً. 

هذا الحريق الهائل، الذي وصفه خبراء بأنه من أسوأ الكوارث في تاريخ المدينة، تسبب في خسائر أولية تقدر بين 52 و57 مليار دولار، ما يثير تساؤلات حول أسباب سرعة انتشار النيران وشدتها.

عوامل تضاعف الخطر: لماذا كانت الحرائق بهذه الشدة؟

الحرائق التي ضربت لوس أنجليس لم تكن نتيجة عامل واحد، بل جاءت نتيجة مزيج معقد من الظروف الطبيعية والبيئية.

 هناك خمسة عوامل رئيسية ساهمت في تفاقم الموقف بشكل كبير:

1. التزايد السريع للمواد القابلة للاشتعال


يشرح روري هادن، الباحث في علم الحرائق بجامعة إدنبرة، أن هطول الأمطار في الفترات التي تسبق الجفاف يؤدي إلى نمو كثيف للنباتات.

 ومع دخول فصل جاف، تجف تلك النباتات بسرعة، مما يجعلها وقودًا جاهزًا لأي شرارة صغيرة.
وفقاً لعالمة الحرائق ماريا لوسيا فيريرا باربوسا، فإن تقلبات المناخ المائي، وهي الانتقال بين فترات الطقس الرطب والجاف، كانت شديدة في منطقة لوس أنجليس عام 2024، مما هيأ الظروف المثالية لاندلاع الحرائق. 

دراسة حديثة أظهرت أن هذه التقلبات ارتفعت عالمياً بنسبة تتراوح بين 31% و66% منذ منتصف القرن العشرين.

2. رياح سانتا آنا: الوقود الذي أشعل اللهب


الرياح الحارة والجافة المعروفة برياح سانتا آنا لعبت دوراً كبيراً في انتشار النيران. هذه الرياح تأتي من صحراء كاليفورنيا، حيث تحمل حرارة عالية ورطوبة منخفضة للغاية، مما يزيد من جفاف النباتات ويجعلها عرضة للاحتراق السريع.


وما زاد الوضع سوءاً هو سرعة الرياح التي تجاوزت 100 ميل في الساعة، مما ساهم في دفع النيران عبر التضاريس الطبيعية بسرعة مرعبة.

 يقول هادن: "إن هذه الرياح تجعل السيطرة على الحرائق شبه مستحيلة، حيث يمكنها نقل اللهب والجمر لمسافات طويلة، مما يشعل حرائق جديدة في مواقع بعيدة عن النقطة الأصلية."

3. شظايا النار: وقود الكارثة الصامت


ليست النيران وحدها ما تسبب في دمار واسع، بل الشظايا النارية التي تحملها الرياح كانت السبب الرئيسي لتأثير الحرائق على المنازل والبنى التحتية. الجمر المتطاير، الذي قد يقطع مسافات تصل إلى عدة كيلومترات، يُشعل المواد القابلة للاشتعال في طريقه.

وفقاً لهادن، الشظايا النارية تسببت في إشعال عشرات المنازل في وقت واحد، مما أدى إلى تأثير الدومينو. كل منزل يشتعل يولد المزيد من الشظايا التي تستمر في الانتشار بفعل الرياح، مما يجعل السيطرة على الحرائق تحدياً كبيراً.

4. كابلات الطاقة والبنية التحتية


الرياح القوية تؤدي في كثير من الأحيان إلى سقوط كابلات الطاقة، التي تصبح شرارة أولى لإشعال النيران في المناطق ذات الغطاء النباتي الكثيف. هذا الأمر جعل من الصعب على فرق الإطفاء تحديد النقاط الحرجة والسيطرة عليها قبل أن تتفاقم.

5. تقلبات المناخ: خطر متزايد عالمياً


حرائق الغابات لم تعد مجرد ظاهرة طبيعية، بل أصبحت مؤشراً على التغيرات المناخية التي يعاني منها العالم. 

زيادة درجات الحرارة، التقلبات الحادة في المناخ، وارتفاع تواتر فترات الجفاف تجعل من حرائق الغابات أمراً أكثر شيوعاً وأشد خطورة.

تداعيات الكارثة: خسائر بشرية وبيئية هائلة


بالإضافة إلى الأضرار المالية الضخمة التي قُدرت بعشرات المليارات، تسببت الحرائق في نزوح آلاف السكان من منازلهم، وفقدان مئات العائلات ممتلكاتهم.

 كما أدى الدخان الكثيف إلى تدهور جودة الهواء في المنطقة، مما أثر على صحة السكان، خاصة الأطفال وكبار السن.

أما على الصعيد البيئي، فقد تسببت النيران في القضاء على مساحات واسعة من الغابات الطبيعية، مما يهدد التنوع البيولوجي في المنطقة. 

الحيوانات التي تعيش في تلك المناطق فقدت موائلها الطبيعية، وأصبحت معرضة لخطر الانقراض.

نظرة إلى المستقبل: ما العمل؟
تشير هذه الكارثة إلى أهمية اتخاذ تدابير استباقية للتعامل مع حرائق الغابات.

 من بين الحلول الممكنة:

  • تعزيز أنظمة الإنذار المبكر واستخدام التكنولوجيا لتوقع الحرائق قبل اندلاعها.
  • تحسين إدارة الغابات من خلال إزالة المواد القابلة للاشتعال وتنظيم الغطاء النباتي.
  • بناء بنية تحتية مقاومة للحرائق، خاصة في المناطق المهددة.
  • تعزيز الوعي المجتمعي حول كيفية التعامل مع الكوارث الطبيعية والتخفيف من آثارها.
search