محمد حامد يكتب: سينما الإسكندرية.. مهد البدايات ومنبع الإلهام
الإثنين، 06 يناير 2025 10:37 ص
![محمد حامد محمد حامد](https://media.almsryalaan.com/2025/1/large/17591828135087202501061036223622.jpg)
محمد حامد
يرى الكثيرون أن "الإسكندرانية" دائما متعصبين لمدينتهم الجميلة. وأرى أنه ليس تعصباً، بل هذا فخر بمدينة تعطي من تاريخها وروحها وثقافتها بصمة، قد تكون مميزة لكل أبنائها. فالإسكندرية التى كانت ومازالت مدينة متعددة الثقافات (كوزموبوليتان)، بفضل وجود جاليات يونانية وإيطالية وفرنسية كبيرة، فى نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، انفتحت على الثقافات الأخرى. هذا التنوع ساهم في جعل المدينة، مكانًا خصبًا لاحتضان الفنون الحديثة، بما في ذلك فن السينما أو ما نُطلق عليه "الفن السابع".
ونحن في سياق الحديث عن السينما، فسوف نتحدث باختصار عن تأثير الاسكندرية على السينما المصرية، وأقول باختصار، لأن الحديث عن الإسكندرية والسينما، يحتاج إلى مجلدات وليس مجموعة من المقالات. الإسكندرية ليست فقط بوابة دخل منها الفن السابع إلى مصر، بل هى القلب الذى ضخ دماء الفن السينمائى، إلى بقية محافظات مصر، فتبعتها القاهرة ثم بورسعيد، ثم باقى المحافظات.
اختلف المؤرخون فى تحديد تاريخ يوم أول عرض سينمائى فى مصر، وقام به الأخوان لوميير، ولكنهم اتفقوا على مكان العرض، وهو الإسكندرية، وبالتحديد مقهى "زوانى" بمحطة الرمل حالياً، حيث كان هذا الحدث البداية الفعلية لدخول السينما إلى مصر، حيث عرضت أفلام قصيرة لا يزيد الفيلم الواحد عن دقيقتين، تصور الحياة اليومية في فرنسا وذلك بعد أيام قليلة من العرض الأول لها فى باريس.
بعد عرض الأفلام الأولى، قام الأخوان لوميير بفتح مكتب لهم في الإسكندرية، حيث بدأوا في إنتاج أفلام وثائقية قصيرة، تصور مشاهد من الحياة اليومية في المدينة.
وكما كانت الإسكندرية، مكان أول دار عرض فى مصر (سينما زوانى وسينما برتيتا)، كانت أيضاً مكان أول استديو تصوير سينمائى مصرى وهو استوديو عزيز ودوريس، والذى أسسه عزيز بنداري ودوريس خوري، وكان بداية للإنتاج السينمائي الوطني في مصر.
كانت الإسكندرية أيصاً، مكان تصوير أول فيلم تسجيلى مصرى صامت قصير، وكان عن زيارة الخديوى عباس حلمى الثانى إلى معهد المرسى أبو العباس يوم 20 يونيو 1907.
ولأن الإسكندرية لها هذه المكانة فى بدايات السينما المصرية، فقد ارتبط بها عدد كبير من الأفلام بشكل مباشر سواء من حيث التصوير أو السرد، لا نستطيع حصرها كلها، ولكن نستطيع أن نشير إلى أهمها على سبيل المثال وليس الحصر.
نبدأ بأفلام المخرج المصرى العالمى يوسف شاهين، فنجد "إسكندرية ليه؟!" (1979)، والذى يتناول فيه سيرته الذاتية خلال فترة شبابه فى الإسكندرية أثناء الحرب العالمية الثانية، ويتناول أحلامه بالسفر إلى هوليوود في ظل أجواء الحرب والاحتلال البريطانى لمصر. ثم فيلم "إسكندرية كمان وكمان" (1990) حيث يربط شاهين بين الأحداث الشخصية والسياسية في سرد، يعكس حبه للإسكندرية وتطورها. رابع وآخر فيلم فى سلسلة أفلام سيرة شاهين الذاتية "إسكندرية نيويورك" (2004)، والذى يمكن أن نعتبره ليس مجرد فيلم عن المدينة أو رحلة فردية لفنان مصرى، بل هو عمل سينمائى عميق، يعكس صراعات إنسانية وثقافية، ويوضح كيف يمكن لمكان مثل الإسكندرية، أن يكون مصدرًا للإلهام طوال حياة كاملة.
كانت للإسكندرية مكانتها فى أفلام كثيرة لشاهين مثل "الواداع يا بونابرات" و"اليوم السادس" و"المهاجر" و"إسكندرية 2000"، وهو فيلم تسجيلي، يتناول الإسكندرية بعيون معاصرة، رغم أنه أقل شهرة من أعمال شاهين، إلا أنه يتعمق في التحولات الثقافية والاجتماعية للمدينة.
لم تكن الإسكندرية فقط رمزًا للجمال، بل تناولت السينما المصرية، جوانب أكثر واقعية من حياة المدينة، كالصراعات الطبقية والتحولات الاجتماعية، وظهر ذلك جلياً فى فيلم "البحث عن سيد مرزوق" (1990) للمخرج الكبير داوود عبد السيد، والذى تناول المدينة بطريقة رمزية، عكست طبقاتها المتعددة.
ومن الأفلام الهامة المرتبطة بالإسكندرية أيضاً لنفس المخرج، فيلم "رسائل البحر" (2010)، والذى يُعتبر أحد أبرز الأفلام المصرية، التي اتخذت من الإسكندرية خلفية لها، فقد استخدم المخرج داوود عبد السيد المدينة، كعنصر أساسي في السرد الدرامي، لتصبح الإسكندرية أكثر من مجرد موقع تصوير، بل شخصية مستقلة تحمل رمزياتها وأسرارها، وأن تكون المدينة مرآة، تعكس تعقيدات النفس البشرية.
أما الأفلام التى كان موقع التصوير بأحد أحياء الإسكندرية، محور أساسى فى أحداثها فهى كثيرة، نذكر منها فيلم "رصيف نمرة 5" (1956) للمخرج نيازى مصطفى، والذى تدور أحداثة فى ميناء الإسكندرية، وفيلم "بطل للنهاية" (1963) للمخرج حسام الدين مصطفى، وفيلم "بلطية العايمة" (2008) للمخرج على رجب، وفيلم "حرب كرموز" (2018) للمخرج بيتر ميمى. ومن منا ينسى مشاهد الإسكندرية فى فيلم "العار" (1982)، للمخرج على عبدالخالق، والتى كانت المحرك الرئيسى لأحداث الفيلم من بدايته حتى نهايته.
هناك الكثير والكثير من الأفلام السينمائية، التى تدل على أن الإسكندرية، هى واحدة من أكثر المدن المصرية التى ألهمت صناع السينما بأجوائها الساحرة، وتاريخها العريق وتنوعها الثقافى. وما ذكرناه ليس إلا نقطة فى بحر تأثير "عروس البحر المتوسط" على فن السينما.
وتعزز الإسكندرية إرثها السينمائى، من خلال مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، الذي بدأ في عام 1979، وقام بتأسيسه الناقد وعالم الآثار المصرى الراحل كمال الملاخ ابن أسيوط وعاشق الإسكندرية، ليستمر المهرجان حتى الآن، وليكون امتدادًا لدور المدينة التاريخى فى السينما المصرية والعربية، ويبرز ارتباطها الوثيق بالفن السابع.
نسخ الرابط للمقال
آخبار تهمك
سعر الدينار الكويتي أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025
05 فبراير 2025 04:54 ص
الكويت تواصل تنفيذ سياسة التكويت: إنهاء خدمات غير الكويتيين واستبدالهم بالمواطنين
05 فبراير 2025 04:41 ص
استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025
05 فبراير 2025 03:53 ص
قفزة جديدة في أسعار الذهب اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025 وسط ارتفاع عالمي
05 فبراير 2025 03:43 ص
"أتون" المتخصصة في الأغذية الصحية تعتزم فتح سوق جديد لمنتجاتها في دبي
04 فبراير 2025 05:35 م
أكثر الكلمات انتشاراً