الأحد، 20 أبريل 2025

01:08 ص

أمريكي يربح 50 ألف دولار وهو ينظر إلى صورة الكعبة المشرفة

الأحد، 22 ديسمبر 2024 10:10 م

أحمد محارم

أحمد محارم

أحمد محارم

في حي “باي ريدج” العريق في بروكلين، نيويورك، حيث تمتزج الثقافات وتزدهر الجاليات، خصوصًا العربية والمصرية، كنت  في زيارة إلى عيادة طبيب الأسنان المصري المعروف، الدكتور عبد الحميد تمارا، برفقة صديقي العزيز والزميل الكاتب الصحفي والإعلامي النشيط، أحمد فاضل، للاطمئنان على صحة أسنانه، وما إن جلسنا في صالة الانتظار، حتى بدأت أحداث غير متوقعة تضفي على المكان طابعًا فريدًا.

على شاشة كبيرة في صالة الانتظار، كانت تُعرض مشاهد مباشرة من الحرم المكي، حيث بدأ الطواف حول الكعبة مشهدًا روحانيًا يخطف الأنفاس، وبينما كنا نتبادل أطراف الحديث، لفت انتباهنا رجل أمريكي يُدعى “جاك”، كان جالسًا بالقرب منا، بدا عليه الانبهار الكامل بالمشهد، فقام فجأة وأخذ يصور مقاطع فيديو وصورًا عبر هاتفه المحمول، ثم التفت إلينا وقال بلهجة تعكس حيرته ودهشته:

“ما هذا المكان؟ ما الذي يوجد داخل هذا البناء؟ ولماذا يرتدي الناس هذه الملابس؟ وما قصة الماء الذي يشربونه”؟

وجدنا أنفسنا، أنا وصديقي الإعلامي أحمد فاضل، نتحول إلى مرشدين لتفسير هذا المشهد الساحر، أخبرناه أن هذا المكان هو الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، مركز قلوب المسلمين ومقصد ملايين الحجاج كل عام، شرحنا له الطقوس الدينية للطواف وشرب ماء زمزم المبارك، وتحدثنا عن الروحانية التي يشعر بها المسلمون أثناء أداء هذه المناسك.

كان “جاك” منصتًا باهتمام، ثم قال: “يبدو أن هؤلاء الناس سعداء جدًا، على الرغم من التعب الواضح، لكن هناك شيء ما في وجوههم يعكس سلامًا داخليًا لا أراه كثيرًا.

بعد حديثنا، عاد “جاك” إلى مقعده، منشغلًا بهاتفه وكأنه يقوم بحسابات دقيقة، بعد دقائق قليلة، وقف فجأة وصرخ بحماسة: “الحمد لله، لقد ربحت للتو 50 ألف دولار في البورصة"، بدا علينا جميعًا الذهول، فسألناه عن السبب، فأجاب بابتسامة مليئة بالدهشة: أتعامل مع البورصة يوميًا، وأعتاد المكاسب والخسائر، لكن هذا أكبر مبلغ ربحته في حياتي، أشعر وكأن لهذه الصورة التي رأيتها تأثيرًا مباركًا عليَّ، رغم أنني بعيد آلاف الأميال عن هذا المكان.

ابتسمنا جميعًا وباركنا له الفوز، وقلت له: إذا كان مجرد النظر إلى صورة الكعبة جلب لك هذا المكسب، فكيف لو زرتها بنفسك؟ضحك وقال: “أعتقد أن الأمر لا يتعلق بالمكسب المادي فقط، ما رأيته في الصور منحني شعورًا بالسلام الذي أفتقده، أتمنى أن أزور هذا المكان يومًا ما لأعيش هذه اللحظة بنفسي.
في تلك اللحظة، أدركت أن الكعبة ليست مجرد بناء حجري مقدس للمسلمين، بل هي رمز إنساني عالمي قادر على لمس القلوب، بغض النظر عن الدين أو الثقافة.

لقد كان يوما مليئًا بالمعاني العميقة، لم يكن مجرد زيارة لعيادة طبيب الأسنان، بل كان درسًا في الروحانية ولحظة تأمل في قوة تلك الروحانية والتي أثارت في النفس تساؤلات عن الحياة والحب والمعنى الحقيقي للسعادة، كيف يمكن لصورة واحدة أن تتجاوز الحدود والثقافات، وتُلهِم القلوب، وتزرع فيها بذور السلام والمحبة.

search