الجمعة، 10 يناير 2025

09:50 م

مهرجان كوتا في الهند: مهرجان الأضواء والتقاليد العريقة

الإثنين، 23 ديسمبر 2024 02:13 م

محمد عماد

مهرجان كوتا في الهند

مهرجان كوتا في الهند

يُعد مهرجان كوتا أو ما يُعرف بـ "مهرجان الأضواء" (Diwali) أحد أبرز وأهم الاحتفالات الدينية والثقافية في الهند والعالم. يعد هذا المهرجان من أعرق وأشهر المهرجانات في الهند، حيث يحتفل به الهندوس والعديد من المجتمعات الأخرى حول العالم. وعلى الرغم من أن جذور المهرجان تعود إلى آلاف السنين، إلا أنه لا يزال يتمتع بجاذبية وشعبية كبيرة في العصر الحديث، حيث يُحتفل به من خلال مجموعة من الأنشطة التي تشمل الإضاءة، الألعاب النارية، وتبادل الهدايا، مما يخلق أجواء من الفرح والسرور في جميع أنحاء الهند.

أصول تاريخية وثقافية للمهرجان

يعود أصل مهرجان كوتا إلى الأساطير الهندية القديمة التي تحكي عن عودة الأمير راما إلى أيوُدْهيا بعد هزيمته للشيطان رابانا، وفي هذه المناسبة قام أهل المدينة بإضاءة المصابيح في الشوارع لاستقبال الأمير. هذا التقليد أصبح جزءًا أساسيًا من الاحتفال بمهرجان كوتا، الذي يرمز إلى الانتصار على الظلام وجلب النور إلى العالم. كما أن المهرجان يرتبط بالعديد من الأساطير الأخرى في الثقافات الهندية، مثل الاحتفال بلاكشمي، إلهة الازدهار، والعديد من الشخصيات الدينية الأخرى التي يتم الاحتفاء بها خلال المهرجان.

إضاءة المصابيح والألعاب النارية: جوهر الاحتفالات

أحد أهم مميزات مهرجان كوتا هو إضاءة المصابيح الصغيرة التي تزين المنازل والشوارع، حيث تضاء هذه المصابيح بألوان ساطعة لتخلق لوحة فنية من الأضواء التي تملأ سماء الليل. يعتقد الناس في الهند أن المصابيح تعتبر وسيلة لطرد الظلام والتخلص من الشرور، كما أن الإضاءة تساعد على جذب البركات والنجاح.

خلال الاحتفال، يتجمع الناس في الشوارع والمنازل لبدء العروض المختلفة من الألعاب النارية والمفرقعات. تطلق الألعاب النارية بشكل جماعي مع بداية مهرجان كوتا، مما يعكس فرحة العيد وإظهار النصر على الظلام. كما أن السماء تضاء بأنوار مختلفة أثناء إطلاق الألعاب النارية، ما يخلق مشهدًا ساحرًا يُعتبر أحد أبرز وأجمل مظاهر الاحتفال.

الممارسات الدينية والروحية

على الرغم من الطابع الاحتفالي للمهرجان، إلا أن الجانب الديني في مهرجان كوتا يُعد جزءًا أساسيًا من التقاليد. يُعتقد أن الإلهة لاكشمي، إلهة الازدهار، تجلب البركة إلى منازل المؤمنين خلال هذا المهرجان. ولذا، يقوم الكثير من العائلات الهندية بالتعبد وإقامة الصلاة في بيوتهم وفي المعابد تقديرًا لهذه الإلهة العظيمة.

كما يُحتفل بلورد غانيش، الذي يُعتبر رمزًا للحكمة والازدهار، خاصة في أيام المهرجان الأولى. يُعتقد أن تبجيل غانيش خلال هذا الوقت يجلب الحظ الجيد ويحقق الأمنيات والطموحات.

الجانب الاجتماعي: تبادل الهدايا والتجمعات العائلية

من المظاهر الاجتماعية البارزة في مهرجان كوتا هو تبادل الهدايا بين الأصدقاء والعائلة والجيران. تُعتبر هذه العادة جزءًا من ترسيخ الروابط الاجتماعية، حيث يتبادل الناس الهدايا والحلويات مثل اللادو وجاندي كجزء من التقاليد الهندية التي تعكس المحبة والاحترام المتبادل.

تُعد التجمعات العائلية جزءًا لا يتجزأ من الاحتفالات، حيث يتجمع أفراد الأسرة للاحتفال معًا وتبادل اللحظات الجميلة. ويُعتبر هذا المهرجان فرصة للعائلات الهندية للتواصل وتقوية الروابط بين الأجيال، خاصة مع انتشار التقنيات الحديثة التي أضفت لمسة جديدة على طريقة الاحتفال.

الاحتفالات على المستوى الوطني والدولي

من الجدير بالذكر أن مهرجان كوتا لا يقتصر فقط على الهند، بل يُحتفل به في العديد من دول العالم التي تضم جاليات هندية كبيرة. في الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، كندا، وأستراليا، يتم تزيين الأماكن العامة والشوارع والمنازل بمصابيح لامعة وألوان زاهية، وتُنظم حفلات ثقافية ودينية للاحتفال بالمناسبة.

تُعرض الفعاليات في تلك البلدان على شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام في محاولة لإيصال روح المهرجان إلى أكبر عدد ممكن من الناس، بما يعكس أن مهرجان كوتا هو أكثر من مجرد حدث ديني، بل هو تظاهرة ثقافية واجتماعية تتخطى الحدود.

التأثير الاقتصادي والاجتماعي للمهرجان

بعيدًا عن طابع الاحتفال والجانب الروحي، يمتلك مهرجان كوتا تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد الهندي. حيث يُعتبر المهرجان بمثابة فرصة لزيادة الإنتاج والتجارة في مجالات متعددة، مثل بيع المصابيح، الألعاب النارية، الحلويات، والهدايا. تقوم العديد من المحلات التجارية بتقديم عروض خاصة لزيادة المبيعات، وتستعد الأسواق الشعبية والمراكز التجارية لاستقبال الزوار من مختلف أنحاء البلاد.

وتساهم الأسواق الكبرى والشركات المحلية في جذب السياح والزوار من الخارج، حيث يُقبل الكثير منهم على الهند خلال موسم المهرجان للاستمتاع بالأجواء الاحتفالية، ما يعزز من قطاع السياحة. وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية التي قد يواجهها البعض، إلا أن مهرجان كوتا يوفر فرصًا جيدة للعديد من الشركات لتحسين أرباحها.

مهرجان كوتا (ديبالي أو مهرجان الأضواء) يُحتفل به عادة في شهر أكتوبر أو نوفمبر من كل عام، وتاريخ الاحتفال يختلف قليلاً كل عام بناءً على التقويم الهندوسي الذي يعتمد على الدورة الشهرية. يوافق مهرجان كوتا يوم "الليلة المظلمة" (الليلة الأخيرة من الشهر القمري)، التي تُسمى "أموفيسيا" (Amavasya)، والتي تكون في الغالب في أواخر شهر أكتوبر أو بداية نوفمبر.

لذلك، يعتمد تحديد موعد المهرجان على الحسابات الفلكية ويكون في تاريخ مختلف قليلاً كل عام، لكن عادة ما يقع في هذه الفترة الزمنية.

 

يبقى مهرجان كوتا أو "مهرجان الأضواء" أكثر من مجرد احتفال ديني، بل هو حدث ثقافي عالمي يعكس تنوع المجتمع الهندي وروح الفرح والانتصار على الشرور. على مر العصور، استطاع المهرجان أن يحافظ على جاذبيته ورونقه، ليصبح مناسبة يحتفل بها المسلمون الهندوس في جميع أنحاء العالم، ويربط بين الأجيال ويجلب البهجة والازدهار لجميع من يشارك فيه.

بفضل تنوعه الثقافي وعمقه الروحي، يبقى مهرجان كوتا علامة فارقة في تقاليد الهند ويُعزز من السمعة الثقافية لهذه الأمة العريقة، مع التأكيد على أن النور دائمًا ما ينتصر على الظلام، وأن الأمل في المستقبل لا يزال حاضرًا بفضل هذا المهرجان الذي يضيء العالم.

مهرجان رأس السنة في نيويورك: الكرة الساطعة (The Ball Drop) والاحتفالات التي تأسر العالم

الأوقاف: احلال وتجديد وصيانة وتطوير 1137 وفرش أكثر من 2400 مسجدا

فتح باب حجز تذاكر مهرجان السامبا في البرازيل: كل ما تحتاج إلى معرفته عن كرنفال ريو 2025

search