الإثنين، 30 ديسمبر 2024

08:02 م

طارق دراج: الهلفوت في العالم

الجمعة، 20 ديسمبر 2024 09:12 م

طارق دراج

طارق دراج

 هل العولمة شر وإلحاد كما يري البعض أو ربما الكثيرين؟ 

الإجابة بالطبع لا، لأن العولمة ما هي إلا فتح افتراضي بين دول العالم ليصبح قرية صغيرة فبعد إنتهاء الحرب الباردة ثم صراع الحضارات الوهمي، كان لا بد من وجود نظام آخر بين دول العالم مع اختلاف ثقافتهم يجمعهم سواء كان اقتصادي أو ثقافي أو سياسي، وبالتالي يمكن لإنسان ما أن يكون مؤمن بالعولمة وفي نفس الوقت تكون العلاقة بينه وبين ربه علي أعلي مستوي وحافظ كتاب الله.

أما عن الكثيرين الذين يجدون في الجماعات الإسلامية المسلحة هو السبيل لكي نكون أقوياء، ونستطيع أن نتصدي لأطماع الغرب وذراعها العسكري الصهيوني في الشرق الأوسط، فهذا وهم وغير منطقي للعقل، فاعتبار الجماعات المسلحة مثل تحرير الشام التي سيطرت علي سوريا، هي المنقذ وهي مفتاح القوة وعزة الإسلام فهذا عبث فكري وخلل في العصر الحديث، ودليلي واضح فقد بدأت تظهر أصوات تنادي بانفصال الأكراد عن سوريا، وأخري تسيطر علي أماكن أخري وكان الشعب السوري مكتوب عليه أن يخرج من طاغية العصر الدموي الأسدي إلي جماعات مسلحة.

ولا مجال لوجود دولة قوية لها جيش قوي تستطيع أن تدافع عن نفسها ليس عسكرياً فقط بل سياسياً بعلاقتها بشتي دول العالم، وهنا الإشكالية عندما توضح أنه لابد من الذهاب إلي الميكانيكي عندما تتعطل سيارتك، وأن تذهب للطبيب عندما تمرض، وللمهندس عندما تشيد مبني وهكذا .. تجد من يعلو صوته ويتحدث أنك علماني ملحد لأنهم جماعات تحفظ كتاب الله، وتريد أن تطبق الشريعة علي الأرض.. ولا فائدة من الجدال معهم، ولكن لابد أن يعرف العامة قبل الخاصة أن ممارسة السياسة والجيوش في العصر الحالي تحتاج للتحديث والتطوير والنظم العسكرية المسطورة في أرقي الجامعات المتخصصة، والله يوفق الذي يتقن عمله في النتيجة، وأنا لست ضد هذه الجامعات كأشخاص من حيث وجودهم أو اختلاطهم بالآخرين علي العكس تماماً، فلابد من انغماسهم بين الناس دون تعالي ليكونوا قدوة للأخلاق والتعامل الحسن لأن الدين المعاملة، ومن يريد أن يمارس السياسة أو يلتحق بالجيش، فلا مانع ولكنه سيكون مثله مثل أي شخص آخر، والفكرة تبدو ساذجة لأنهم بذلوا مجهود مضني علي مر السنين ليصلوا لهذه المرحلة من التكتل والتنظيم وتوفير الموارد المالية، ولكن أنا أوضح أنه لا فائدة من كل هذا، مهما مرت السنين وزاد عددهم أو تنظيمهم لأن العالم سيتكتل عليهم ويعتبرهم إرهابيين يعملون في الظلام والخفاء.. أفيقوا يرحمكم الله ليست العولمة إلحاد، وليس كل رؤساء الدول الذين لا ينتمون لجماعات كفرة، وهذا الخلل الفكري هو الذي أدخل الشرق الأوسط إلي هذه الظلمات التي نعيشها من تخلف وجهل وسكون وتحت التهديد من «ترامب» أو غيره بصفة مستمرة وكأننا الهلفوت في العالم الذي تستطيع الدول العظمي أن تبني عليه الدعاية الإنتخابية لها في السياسة الخارجية.

search