الأحد، 22 ديسمبر 2024

09:55 ص

أسماء الأخرس: وردة الصحراء والسيدة الأولى التي حاصرها المرض والشكوك

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024 03:22 م

محمد عماد

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

مع صعود بشار الأسد إلى حكم سوريا عام 2000، برزت أسماء الأخرس، زوجته البريطانية المولد، كرمز للحداثة والطموح في صورة النظام السوري. أسماء، المولودة في أكتون غرب لندن، جاءت من خلفية مميزة؛ والدها طبيب قلب ووالدتها دبلوماسية. 

درست أسماء الأسد علوم الكمبيوتر في كلية كينغز في لندن، وعملت في المجال المصرفي، قبل أن تنتقل إلى سوريا وتصبح السيدة الأولى. ولكن سرعان ما أخذت الأحداث منحى آخر، حيث وجدت نفسها في قلب أزمة إنسانية وسياسية غيّرت حياتها ومسار البلاد بأكملها.

أسماء الاخرس وزوجها الرئيس السوري السابق بشار الاسد

الزواج والسياسة: من الطموحات إلى التوترات

عند زواجها من الأسد، كانت أسماء الأخرس تمثل الأمل في تغيير صورة سوريا دولياً، خاصة في أعين الغرب. كونها سنية من عائلة معروفة في حمص، كان زواجها من الأسد العلوي يهدف إلى إرسال رسالة وحدة وطنية. وبفضل ثقافتها الغربية، استعان النظام بشركات علاقات عامة للترويج لها كوجه عصري وحديث لسوريا. مجلة فوغ وصفتها في مقال عام 2011 بأنها "وردة في الصحراء"، لكن هذا التلميع لم يستمر طويلاً، إذ بدأت الثورة السورية في نفس العام، وانقلبت صورة النظام إلى رمز للقمع والعنف.

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

الحرب تضع الجميع تحت المجهر

مع اندلاع الحرب الأهلية في مارس/آذار 2011، تغير دور أسماء من سيدة أولى أنيقة إلى شخصية تحيط بها الشكوك والانتقادات. في 2012، كشفت تسريبات عن نمط حياتها الباذخ، حيث أشارت الرسائل الإلكترونية إلى اهتمامها بشراء سلع فاخرة، بينما كانت سوريا غارقة في الدمار. هذه المفارقة أثارت غضباً واسعاً، خاصة مع تزايد أعداد القتلى والنازحين.

ورغم تراجع ظهورها الإعلامي، أصدرت أسماء بياناً أكدت فيه دعمها لزوجها في مواجهة الأزمة، قائلة: "الرئيس هو رئيس سوريا، وليس فصيلاً من السوريين". لكن تلك الكلمات لم تُخفِ حقيقة أن النظام كان يغرق في مستنقع الحرب، وأن أسماء أصبحت جزءاً من هذا المشهد المتأزم.

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

المرض يضيف فصلاً جديداً في المعاناة

بينما كانت الحرب تلتهم سوريا، واجهت أسماء معركة شخصية مع مرض السرطان. في 2018، تم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، وبعد عام أعلنت تعافيها. لكن في مايو/أيار 2024، تم الكشف عن إصابتها بسرطان الدم النقوي الحاد، ما أجبرها على تقليص ظهورها العلني.

قد يهمك: حكمه استمر 25 عاما.. أبرز المحطات فى حياة الرئيس السوري السابق بشار الأسد

انهيار النظام وهروب الأسد

في تحول دراماتيكي، أطاحت المعارضة السورية ببشار الأسد وسيطرت على دمشق. فرّ الأسد وعائلته إلى روسيا، الحليف التقليدي للنظام، حيث حصلوا على اللجوء السياسي.

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

 ومع ذلك، تركت هذه الأحداث أسماء في موقف صعب، خاصة مع حملها لجواز سفر بريطاني، ما يثير تساؤلات حول مستقبلها.

هل تعود إلى بريطانيا؟

رغم أنها تحمل الجنسية البريطانية، فإن عودة أسماء إلى لندن تبدو مستبعدة. صحيفة تليغراف البريطانية ذكرت أن أسماء قد تواجه التحقيق وربما الاعتقال، حيث فتحت شرطة العاصمة البريطانية تحقيقاً في دورها المزعوم في دعم جرائم حرب ارتكبها الجيش السوري. كما أن استقبالها في بريطانيا قد يثير غضب الجالية السورية هناك، التي تعاني من آثار الحرب.

إقرا أيضا: من العيادة إلى المعركة.. سوريا بين مشرطي الطبيبين بشار الأسد وأحمد الشرع

منزل طفولتها في أكتون يبدو شاهداً على هذه الأزمة. الجيران وصفوا العائلة بأنها بعيدة عن الحي منذ فترة، ويبدو أن أسماء ووالديها لم يكونوا محبوبين حتى قبل الحرب، وهو ما يعكس التوترات المحيطة بها.

أسماء الاخرس زوجة الرئيس السوري السابق بشار الاسد

بين السياسة والإنسانية: إرث معقد

خلال فترة الحرب، حاولت أسماء تحسين صورتها من خلال قيادة جهود خيرية ومساعدة أسر الجنود القتلى، لكنها لم تستطع فصل نفسها عن جرائم النظام. كما أن العقوبات الدولية المفروضة عليها، بما في ذلك حظر السفر وتجميد الأصول، زادت من عزلتها.

في النهاية، أسماء الأخرس كانت رمزاً لأحلام التحول التي اصطدمت بواقع قاسٍ. مسيرتها كشخصية عامة مزجت بين الأمل والإحباط، وبين الانتماء الوطني والاتهامات الدولية. ومع انتهاء عهد الأسد، تبقى أسماء محاصرة بين ماضيها في سوريا ومستقبل غير واضح المعالم، سواء في المنفى الروسي أو في ظل إمكانية العودة إلى وطنها الأم، بريطانيا.

قد يهمك:

محمد غازي الجلالي: مهندس نقل السلطة من عائلة الأسد إلى المعارضة السورية

حافظ الأسد: من قاع البئر إلى قمة السلطة في سوريا

search