السبت، 21 ديسمبر 2024

06:43 م

أمين الجمال يكتب: وزارة التعليم الفني في مصر

الإثنين، 09 ديسمبر 2024 03:23 م

رئيس التحرير التنفيذي

رئيس التحرير التنفيذي

التعليم الفني في أي دولة، يعد أحد الأعمدة الرئيسية لتطوير الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، فهو لا يقتصر على إعداد الشباب لسوق العمل، بل يسهم في خلق كوادر قادرة على المساهمة في تقدم القطاعات الاقتصادية، بما فيها القطاعين الزراعي والصناعي، واللذين يعدان أبرز القطاعات الحيوية التي يعتمد عليها الاقتصاد بشكل كبير، ويمكنهما طرح آلاف الوظائف للخريجين.

في مصر لا يحظى التعليم الفني بالاهتمام المطلوب، والذي يجعله أداة فعالة لتأهيل الشباب عملياً ونظرياً، للعمل في مجالات متعددة، بما في ذلك الزراعة والصناعة، حيث يواجه هذا النوع من التعليم العديد من التحديات، التي تحول دون تحقيق كامل إمكاناته، ولا يزال في غالبه يركز على الأساليب التقليدية للتعليم، ما يجعله مجرد مؤهل يحصل عليه الطالب فقط، دون أي استفادة عملية، إلا فيما ندر.

ومع تزايد التحديات الاقتصادية، والحاجة إلى رفع مستوى الإنتاجية، فإن وجود عمالة فنية مدربة على أحدث أساليب التدريب، بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل وتغيراته المتلاحقة والسريعة، أصبح ضرورة لا غنى عنها.

وإذا كان القطاع الزراعي، يمثل أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، حيث يشكل مصدر دخل للعديد من السكان ويعزز الأمن الغذائي، فإن التعليم الفني الزراعي بأساليبه التحديثة القائمة على التقنية، يسهم في إعداد الكوادر الفنية القادرة على تطبيق التقنيات الحديثة في الزراعة وتحسين الإنتاجية. كل ذلك من خلال برامج تدريبية متخصصة، يتم تزويد الطلاب فيها بمهارات متعددة، مثل استخدام التكنولوجيا في الري الحديث، إدارة المزارع، ومكافحة الآفات بطرق صديقة للبيئة.

القطاع الصناعي الذي يعتبر المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، يحتاج إلى عمالة ماهرة ومدربة، ومن ثم يظهر دور التعليم الفني الصناعي، بما يقوم عليه من أحدث أساليب التعليم التقنية، في تأهيل الشباب للعمل في مجالات مثل الهندسة الميكانيكية، والكهرباء، والإلكترونيات، والتصنيع، حيث تخرج المدارس والمعاهد الصناعية فنيين يمتلكون المهارات التي تتطلبها الصناعات المتقدمة، مما يساهم في تقليل فجوة المهارات وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية على المستوى الدولي.

بناءً على ذلك فإن التعليم الفني، يعد محوراً استراتيجياً لدعم الاقتصاد المصري، من خلال توفير عمالة مدربة، وزيادة الإنتاجية من خلال تأهيل الفنيين على استخدام أحدث التقنيات والممارسات، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: التي يساعد التعليم الفني في تأهيل الشباب لإنشائها.

ورغم الأهمية الكبيرة للتعليم الفني، إلا أنه يواجه بمجموعة من التحديات التي تؤثر على جودة مخرجاته، منها؛ أن العديد من المدارس الفنية تعاني من نقص في المعدات والتجهيزات اللازمة للتدريب العملي، والأساليب التعليمية الحديثة، ولا تتماشى المناهج الدراسية في هذا القطاع من التعليم مع احتياجات سوق العمل، بما يؤدي إلى فجوة بين مهارات الخريجين ومتطلبات الوظائف. ولا يزال التعليم الفني يعاني من نظرة مجتمعية تقلل من قيمته، مقارنة بالتعليم في مدارس الثانوية العامة، إضافة إلى قلة عدد المعلمين المتخصصين والمدربين، مما يؤثر سلباً على جودة التعليم الفني.

وفي محاولات منها لتعزيز دول التعليم الفني، تسعى الحكومة المصرية، إلى تطوير هذا القطاع من خلال خطط واستراتيجيات شاملة، تهدف إلى تحسين جودة التعليم وربط مخرجاته بسوق العمل، من خلال إطلاق مدارس التكنولوجيا التطبيقية التي تعد نموذجاً جديداً للتعليم الفني، حيث يتم بالتعاون مع القطاع الخاص تدريب الطلاب على أحدث المهارات المطلوبة في سوق العمل. هذا القطاع المهم يضم أكثر من 2.3 مليون طالب وطالبة في التعليم الفني قبل الجامعي. وهذا العدد الكبير من الطلبة، يجعلنا نولي أهمية كبيرة لهذا النوع من التعليم، ويحتاج إلى وزارة خاصة، تحت مسمى "وزارة التعليم الفني"، تحقق عدداً من المستهدفات من هذا التعليم، منها تغيير الصورة المجتمعية عبر حملات توعية تسلط الضوء على أهمية التعليم الفني ودوره في التنمية الاقتصادية، وإدماج التكنولوجيا الحديثة، من خلال إدخال تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في المناهج التعليمية، لإعداد خريجين قادرين على مواكبة المستقبل، وزيادة التعاون الدولي، للاستفادة من الخبرات الدولية في تطوير التعليم الفني، وتبادل التجارب الناجحة، وربط التعليم الفني بريادة الأعمال، من خلال تشجيع الطلاب على تأسيس مشروعاتهم الخاصة، وتزويدهم بالمهارات اللازمة لإدارتها.

search