الجمعة، 27 ديسمبر 2024

12:00 ص

أبو محمد الجولاني: طالب الطب الذى أطاح بنظام الأسد من سوريا

الإثنين، 09 ديسمبر 2024 01:51 ص

باسم ياسر

أحمد الشرع "أبو محمد الجولانى"

أحمد الشرع "أبو محمد الجولانى"

في تحول مثير للأحداث في سوريا، بات أحمد الشرع، المعروف باسم "أبو محمد الجولاني"، محور الأحاديث والتساؤلات بعدما أعلن زعيم هيئة تحرير الشام السيطرة على العاصمة دمشق وإسقاط نظام بشار الأسد، وخطب فى الجامع الأموى فور وصوله.

 في بيان نُقل عبر التلفزيون السوري الرسمي تحت عنوان "المستقبل لنا"، أكد الشرع أن الهيئة عازمة على مواصلة المسار الذي بدأته منذ عام 2011. 

ولكن من هو هذا الرجل الذي أصبح رمزًا للتغيرات الكبرى في سوريا، وكيف تطورت مسيرته المثيرة للجدل؟

نشأة أحمد الشرع: من حي المزة إلى ساحات القتال

ولد أحمد الشرع عام 1982 في حي المزة بدمشق، ونشأ في كنف عائلة ميسورة. ورغم مسيرته الأكاديمية في مجال الطب، بدأت بوادر التحول نحو الفكر الجهادي تظهر في حياته بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث وجد الشرع نفسه منخرطًا في تجمعات دينية سرية، ومن هنا بدأت رحلته نحو التطرف.

بعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003، انضم الشرع إلى تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، وأمضى سنوات هناك حيث صقل خبرته القتالية والتنظيمية، وعندما اندلعت الانتفاضة السورية عام 2011، كُلف من قبل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق"، بتأسيس فرع للقاعدة في سوريا تحت اسم "جبهة النصرة".

من جبهة النصرة إلى هيئة تحرير الشام

في عام 2013، صنفت الولايات المتحدة "جبهة النصرة" منظمة إرهابية ووضعت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن الشرع. 

ومع اشتداد المعارك في سوريا، تفاقمت التوترات بين الشرع والبغدادي، حيث رفض الأول دمج جبهة النصرة مع “الدولة الإسلامية”، وأدى هذا الخلاف إلى مواجهات دامية انتهت بسيطرة الشرع على إدلب وإنهاء علاقة النصرة بالقاعدة عام 2016.

تحت قيادة الشرع، تطورت جبهة النصرة لتصبح هيئة تحرير الشام، وهي كيان يسعى إلى فرض رؤيته للحكم في سوريا. 

حاول الشرع إعادة تشكيل صورته، متخليًا عن الخطاب المتشدد والمظهر التقليدي، متجهًا نحو خطاب سياسي أكثر اعتدالًا يهدف إلى طمأنة الأقليات الدينية والعرقية في سوريا.

الشرع والسيطرة على دمشق: نقطة تحول جديدة

مع دخول قوات المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام إلى دمشق، شهدت سوريا لحظة حاسمة. ظهر الشرع في فيديو مصور وهو يركع مقبلًا الأرض في مشهد رمزي يعكس استعادة العاصمة. 

وفي بيان حمل عنوان "المستقبل لنا"، شدد على أن الهيئة تسعى لإقامة سوريا جديدة خالية من الطائفية، مشيرًا إلى أن العودة للوراء غير واردة.

وفي خطوة تهدف إلى كسب دعم المجتمع الدولي والمحلي، وجه الشرع رسائل طمأنة إلى الأقليات، بما في ذلك العلويين والمسيحيين، وأكد أن ممتلكاتهم وحياتهم ستكون في أمان، داعيًا الجميع إلى المشاركة في بناء سوريا المستقبلية.

تحول الصورة: من زعيم متشدد إلى سياسي برجماتي

على مدى السنوات القليلة الماضية، عمل الشرع على إعادة تقديم نفسه للعالم.

 في مقابلة أجراها عام 2021 مع شبكة "بي بي إس" الأمريكية، ظهر مرتديًا زيًا مدنيًا، وقدم نفسه كشخصية برجماتية تسعى لتحقيق الاستقرار في سوريا، نافيًا أي تهديد للغرب.

وأكد الشرع أن هيئة تحرير الشام انفصلت تمامًا عن القاعدة، وأنها تركز على القضايا الداخلية في سوريا، كما أشار إلى أن العقوبات الدولية المفروضة عليه غير عادلة، مستنكرًا وصفه بـ"الإرهابي".

إدلب: المعقل الأخير للمعارضة السورية

تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، أصبحت إدلب المعقل الأخير للمعارضة في شمال غرب سوريا، حيث يعيش حوالي أربعة ملايين شخص. ومع ذلك، واجهت الهيئة اتهامات متكررة بارتكاب انتهاكات حقوقية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والقمع ضد المعارضين داخل المناطق التي تسيطر عليها.

رغم هذه الانتقادات، استطاع الشرع تعزيز سلطته من خلال إدارة مدنية تُعرف باسم "حكومة الإنقاذ"، وهي خطوة تهدف إلى إظهار الهيئة ككيان سياسي مستقر وقادر على إدارة شؤون البلاد.

مستقبل مجهول وسط تحولات كبرى

بينما يحتفل الشرع وأنصاره بما يرونه نصرًا تاريخيًا، تبقى تساؤلات كثيرة حول مستقبل سوريا تحت قيادة هيئة تحرير الشام. هل ستتمكن الهيئة من تحقيق وعودها بإقامة دولة خالية من الطائفية؟ وكيف سيتعامل المجتمع الدولي مع زعيم حاول تغيير صورته لكنه لا يزال محاطًا بالشكوك؟

search