السبت، 21 ديسمبر 2024

06:12 م

عماد رجب يكتب : بعد سقوط الأسد: هل يعيد التاريخ سيناريو أفغانستان؟

الأحد، 08 ديسمبر 2024 05:47 م

عماد رجب

عماد رجب

بعد أعوام من الصراع في سوريا، أعلنت الفصائل السورية المسلحة اليوم انتصارها وسقوط نظام بشار الأسد، في مشهد يعيد إلى الأذهان لحظة انسحاب السوفييت من أفغانستان وسقوط النظام الشيوعي في كابول. 

ورغم الفرحة العارمة داخل مكونات بعينها في سوريا التي رأت في ذلك انهيارًا لنظام ديكتاتوري، بإزاحة نظام الأسد، تلوح في الأفق مخاوف من تكرار سيناريو أفغانستان، حيث تحولت الفرحة بانتصار الفصائل إلى سنوات من الحرب الأهلية بين الفصائل المتنافسة على السلطة.

التجربة الأفغانية: دروس لم تُنسَى

في أفغانستان، توحدت الفصائل تحت راية مقاومة الاحتلال السوفييتي. لكن مع سقوط النظام الشيوعي عام 1992، انقسمت القيادات، مثل أحمد شاه مسعود وقلب الدين حكمتيار، في نزاعات دموية للسيطرة على كابول. 

النزاع بين هذه الفصائل، إلى جانب أدوار قادة آخرين كبرهان الدين رباني وعبد رب الرسول، أغرق البلاد في حرب أهلية مدمرة. 

هذا الصراع لم يدمر البنية التحتية فقط، بل مهد لظهور طالبان وسيطرتها على كابول عام 1996، مما فتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية جديدة.

السيناريو السوري: ملامح الخطر

في سوريا، تشكلت الفصائل المعارضة المسلحة بمختلف توجهاتها خلال الثورة على نظام الأسد، وتمكنت من تحقيق إنجازات عسكرية بشكل مفاجئ، وصولاً إلى إعلان سقوط النظام. 

ومع ذلك، تُظهر الخريطة السياسية والعسكرية للساحة السورية تباينًا كبيرًا بين الفصائل. أبرزها الفصائل الإسلامية كهيئة تحرير الشام، والجماعات المدعومة إقليميًا ودوليًا مثل الجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديمقراطية.

هذا التنوع الأيديولوجي والمناطقي ينذر بصراعات داخلية محتملة، لا سيما إذا لم تتفق الأطراف على رؤية موحدة لإدارة المرحلة الانتقالية. الخطر الأكبر يكمن في انزلاق البلاد نحو نزاعات طويلة الأمد على غرار ما حدث في أفغانستان، وهو ما قد يُضعف البلاد ويعيدها إلى مربع الفوضى، مما يتيح للجماعات المتطرفة أن تجد موطئ قدم جديدًا.

أمن سوريا وسلامة أراضيها: الأمر بالغ الأهمية

من المهم أن يكون هناك اتفاق على ضرورة الحفاظ على أمن سوريا وسلامة أراضيها، وهو أمر لا يمكن المساس به تحت أي ظرف. 

مع تمكن الفصائل المسلحة من  إسقاط النظام، يجب أن تكون الأولوية لحماية سيادة البلاد وتجنب أي صراع داخلي يعرض مستقبل سوريا للخطر.

 أمن سوريا يشمل الحفاظ على وحدتها واستقرارها بعيدًا عن أي تدخلات خارجية أو صراعات بين الفصائل المتنازعة.  

تجنب "النموذج الأفغاني"

لتجنب "النموذج الأفغاني"، تحتاج الفصائل السورية المتعددة إلى بناء توافق سياسي جامع يشمل جميع القوى الوطنية، بلا استثناء والحفاظ علي الجيش واعادته، والعودة إلى جذورها العربية وليس لإيران أو تركيا التي تحاول السيطرة على محيطها لضمان أمنها واقتصادها، إلى جانب دعم دولي يركز على إعادة الإعمار وبناء المؤسسات بدلاً من فرض أجندات خارجية.

انتصار الفصائل المسلحة في سوريا هو لحظة تاريخية ذات وجهين لا يعرف آخرها إلا الله، لكن ضمان استقرار البلاد يتطلب إدارة حكيمة للمرحلة القادمة لتفادي الفوضى، لأن سقوط الأنظمة ليس النهاية، بل بداية تحديات أعقد. فهل تسير سوريا إلى مصير أفغانستان؟ نتمني لسوريا واهلها الأمن والسلام .

search