الأحد، 22 ديسمبر 2024

09:50 م

قاطن الريف يحتاج إلى خطاب يغاير خطاب أهل المدينة فلكل منهم مشاكله

توحيد خطبة الجمعة بحاجة إلى برامج تدريبية للأئمة تواكب تطورات المجتمع

الثلاثاء، 23 يوليو 2024 04:04 م

السيد الطنطاوي

الشيخ سعد الفقي

الشيخ سعد الفقي

 كتب ـ السيد الطنطاوي

في الوقت الذي يدعو فيه البعض إلى أهمية توحيد خطبة الجمعة على مستوى محافظات مصر ومدنها وقراها، ويكون عاملا من عوامل تجديد الخطاب الديني، يرى البعض الآخر أن مشاكل المواطنين تختلف باختلاف أماكن تواجدهم وطبيعة فكرهم وثقافتهم، وأن المشاكل التي يعاني منها الناس في القرى تختلف تماما عن مشاكل المدن، والتي تختلف بدورها كليا عن المناطق الراقية "الكمبوند".

ودعا علماء وباحثون إلى أهمية تقديم برامج تدريبية للأئمة الجدد والقدامى تواكب تطورات المجتمع وما استجد فيه من أمور تحتاج إلى رؤى مغايرة للرؤى القديمة.

وزارة الأوقاف المصرية في عام 2014م أعلنت عن توحيد خطبة صلاة الجمعة، وتطبيق هذا القرار على كافة المساجد في جميع أنحاء البلاد، حيث يحصل الخطيب على موضوع الخطبة، والنقاط الرئيسية من موقع الوزارة، وبعد اعتراض عدد من الأئمة، قررت الأوقاف تخصيص الجزء الأول من الخطبة لتناول الموضوعات التي يتم تحديدها من قبل الوزارة، على أن يتناول الجزء الثاني موضوعات تتوفر فيها حرية الاختيار من جانب كل خطيب، وبما يتناسب مع المنطقة التي يخطب فيها.

سار على منوال توحيد خطبة الجمعة عدد من وزارات الأوقاف والشئون الإسلامية في الدول العربية والإسلامية، منها ما يلزم الخطيب بقراءة الخطبة والالتزام بما هو مكتوب نصا، ومنها ما يمنح الخطيب مساحة لفكره وثقافته وحرية التجويد مع الالتزام بموضوع الخطبة.

وفي أواخر شهر يونيو الماضي أعلن المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب توحيد خطبة الجمعة، بهدف إصلاحها وتجاوز الاختلال التي تعتريها، مما أثار جدلا بين رواد المساجد والمهتمين بالشأن الديني، وحدثت اختلافات في وجهات النظر ما بين من يرى أن توحيد الخطبة سيحول خطيب الجمعة من شخص له تكوين شرعي، يؤهله لاختيار القضايا المناسبة لرواد المسجد وإلقائها بأسلوبه، إلى مجرد قارئ لخطب مكتوبة في ظروف قد لا تكون مواتية حينها، بينما يشير آخرون إلى أن هذه الخطوة لا شك تسهم في ترشيد عمل الخطباء وتحل المشاكل التي تعتري خطب الجمعة، ودعا المهتمون بالشأن الديني إلى ضرورة تحمل وزارة الأوقاف مسئوليتها في تكوين الخطباء وتدريبهم قبل صعودهم إلى المنبر.

الاستعانة بالعلماء والمفكرين

من جانبه تساءل الشيخ سعد الفقي الكاتب والباحث الإسلامي بقوله: السؤال المهم: هل أدت الخطبة الموحدة دورها؟ وهل تصلح فعلا لكل المجتمعات؟

وأجاب: الذي أعلمه أن قاطن الريف قد يحتاج إلى خطاب يغاير خطاب أهل المدينة فلكل منهم مشاكله وهمومه التي يعاني منها، مع استبيان حقيقي لشرائح الأئمة للوقوف علي التجربة، والوقوف علي سلبياتها وايجابياتها مع الاستعانة بالعلماء والمفكرين.

وأضاف: الحمد لله أن مصر تمتلك الكفاءات والقدرات في شتى فروع المعرفة،  لوضع خريطة للخطب تشمل كل الشرائح، والعودة إلي خطاب  الترغيب والترهيب والذي غاب عن أجندة الخطب في وقت نحن أحوج إلى مخاطبة المشاعر وتقويمها.

وقال: المؤكد أن الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، سوف يعكف علي دراسة الكثير من الملفات التي تبني ولا تهدم، وترقي بمشاعر الناس وتأخذ بأيديهم إلى بر الأمان، ولن يفوته بالتأكيد تقييم برامج التدريب للأئمة الجدد والقدامى منهم لتواكب ما يهدد مجتمعاتنا، ويشوه الصورة المثلى والنبيلة للإسلام الذي جاء رسوله ليكون رحمة للعالمين، دعوة معتدلة لا تعرف الإفراط أو التفريط، نحن أحوج ما نكون إلى غرسها حماية لشبابنا وحفاظا على التماسك الأسري وترسيخ للمواطنة الحقيقة، وأن حب الوطن من الإيمان والأمل في المولى تبارك وتعالى أن يهدينا سواء السبيل. 

وقال إن العالم الجليل الدكتور أسامة الأزهري قادر من خلال ثقافته الموسوعية وقدرته على الحوار  الجاد وسماع رؤى الأئمة وتصويب ما غاب عنهم، وكذا سماع من يعنيهم الأمر لضبط إيقاع المنابر لتؤدي دورها الراقي المبشر لا المنفر، وتعيد الأمور إلي نصابها لتكون المساجد حقيقة وواقعا  مبنى ومعنى، ولتكون مراكز إشعاع واستنارة .

وزير الأوقاف والمهام الجسيمة ؟ 

وأضاف الشيخ سعد الفقي: إن الدكتور أسامة الأزهري عالم جليل وباحث متميز وخطيب لا يشق له غبار، وقد عُرف بدعوته التي تتسم بالحكمة والموعظة الحسنة، فرحت كغيري من أفراد الشعب المصري بثقة القيادة السياسية وتكليفه بحقيبة وزارة الأوقاف في الحكومة الجديدة، وهي مسئولية جد خطيرة لا يتحمل أعباءها إلا الرجال وهو منهم إن شاء الله.

 وقال: يأتي تكليف الدكتور أسامة الأزهري بملف وزاره الأوقاف المنوط بها أمر الدعوة الإسلامية في مرحلة فارقة، تتلاطم فيها أمواج من الأفكار المغلوطة التي تتسارع وتيرتها ويجب معالجتها مبكرا، وأعتقد أن الرجل كان واضحا من خلال بيانه المنشور على صفحة وزارة الأوقاف، وهذا يتطلب عودة الثقة بين العاملين في حقل الدعوة وقادتهم من خلال سياسة واضحة يتم بمقتضاها منح رجال الدعوة أمانا حقيقيا، وكذلك دعمهم معنويا ونفسيا من خلال دورات حية وواقعية لا تلقينية يخرج منها الدارس بشخصية قادرة علي المواجهة الفعلية لكل الأفكار المغلوطة، مع إعادة النظر في كثير من الأنشطة الدعوية، والتي تتمثل في المقارئ ويا حبذا لو عدنا بها إلي طبيعتها الأولى حيث كانت مدارس علمية فعلية تخرج فيها جهابذة القراء والحفظة، وصاروا مضربا للأمثال ويشار إليهم بالبنان، كما أدعوه إلى إلقاء نظرة فاحصة للخطبة الموحدة.

الخبرة والتقادم في فن الخطابة

ويقول الشيخ أحمد عمر الجمل: ما تعلمناه أن مخاطبة الجمهور من الخطيب والإمام، يتم حسب متطلبات البيئة التي يعيش فيها، وكل بيئة تختلف عن الأخرى، وقد تفضلتم وقتما كتبتم في مقال لكم عن سماع الخطبة وإطالتها، فخطيب "الكمبوند" غير خطيب الأحياء الشعبية، وهكذا فمشكلات الناس ليست واحدة، ولكن مع الخبرة والتقادم في فن الخطابة يستطيع الخطيب أن يكيف الموضوع، وإن توحد حسب الحالة والمشكلة والجمهور والبيئة. 

وأكد أنه مع توحيد الخطبة في حالة فهم وتقدم أهل الخبرة، وإلا فكل واحد في مكانه حسبما يجد من مشكلات.

وعن قيام كثير من وزارات الأوقاف بتوحيد الخطبة قال: والله هذا موضوع ربما يعود إلى سياسة بعض الوزارات أو المؤسسات، وفى كل الأحوال أراه أنه لا يؤثر، وإنما يحكم الخطيب ويقيده إلا إذا كان بارعا في فنه وعمله ويطور دائما من نفسه.

search