السبت، 21 ديسمبر 2024

06:42 م

د. منى طه عبد العليم تكتب: لماذا أنا متفائلة؟!

الخميس، 28 نوفمبر 2024 01:42 م

د.  منى طه عبد العليم

د. منى طه عبد العليم

ونحن في  في جامعة أريزونا، سألنا البروفيسور بيل سيلكوك، أستاذنا في الجامعة ومؤسس ومدير برنامج هيوبرت هميفري للقيادة بالجامعة وأستاذ الصحافة: "من في رأيك أسعد انسان في العالم"، وبينما استغرق سائر الطلاب في التفكير، بحثا عمن هو أسعد مخلوق في العالم، رفعت يدي وكلي يقين وثقة واقتناع بما سأقوله، وكان ردي: "أنا". وبُهت الرجل! فأعقب سؤاله بتساؤل: “لماذا تظنين أنك أسعد انسانة في الوجود؟”، أجبته :"لأنني راضية لا ينقصني شيئا". 
أتذكر هذا الموقف دوما، في ظل حياة صاخبة نحياها الآن. يعلوها كثير من التذمر واليأس والتشاؤم، فضلا عن الصراع والتخبط الشديد. نعم اعترف بأن الظروف الحياتية صعبة، وفيها الكثير من التحديات، ولكنني أؤمن تماما أن الجنة عند الله، وليست في الأرض. فالرضا بالأمر الواقع، لا يعني أن الحياة تهب لنا كل ما نتمنى أو نشاء، أو أن حياتنا مليئة دوما بالسعادة والبهجة، ولكن ببساطة لأن البديل أشق وأصعب. 
فما هو بديل أن تشعر بالرضا والتفاؤل؟ هو، والعياذ بالله، الشعور بالقنوط والتشاؤم! والشيء بالشيئ يذكر: ماذا لو غلب الانسان التشاؤم؟ 
-    ستتعطل كل قدراته وتُكبت كافة طاقاته.
-    لن يسعى حق السعي، مادام يسيطر عليه اليأس والقنوط ويعلو مخيلته "لا فائدة"، أو "طولها زي عرضها"، أو "النتيجة واحدة". 
-    سيتشكك في نجاح الآخرين، ويبادر “واسطة”.. "كوسة!"
-    أمراض ذهنية ونفسية وجسدية من ضعف عام بالنهار، وتوتر ونوم غير مستقر بالليل، إلى ما هو أخطر من ذلك من شيخوخة مبكرة، وأمراض سكر وضغط وقلب.
إذاً لماذا أنا متفائلة؟
-    التفاؤل يجعلك تسعى وتجتهد وأنت على يقين أن سعيك لن يضيع، فيكون ذلك في حد ذاته حافزا على مزيد من السعي، ومواصلة العمل، مهما كانت التحديات. 
-    التفاؤل يرفع من روحك المعنوية، فيرتقي بنفسك وجسدك من الاعتلال والسقوط المرضي السريع تحت ضغوط الحياة ومشكلاتها. 
-    التفاؤل يجعلك تُقدر جهد الآخرين، وتثمن كفاحهم، وتتخذ من الرواد والناجحين نموذجا وقدوة حسنة، وتتعلم من تجاربهم وتستخلص الدروس المستفادة. 
-    المتفائل البشوش يحبه من حوله، ويلجأ إليه المحيطون لكسب طاقة إيجابية. 
ولا ننسى أن لهذا الكون أسرارا، وأنت تستدعي ما تؤمن به. تفكيرنا يتفسر ويتحقق، فلو تشاءمت.. وقع ما تخشاه، وإن تفاءلت، مع السعي والاجتهاد.. نلت ما تصبو إليه. 
وخير ما اختم به، قول سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، حيث قال يقول الله عز وجل: "أنا عند ظن عبدي بي.…".

search