الأحد، 22 ديسمبر 2024

05:59 م

توفيق الدقن.. جسد الشر بابتسامة والطيبة بعينين حزينتين (بروفايل)

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 10:13 م

إسراء علي

توفيق الدقن

توفيق الدقن

توفيق الدقن هو واحد من أبرز وأهم نجوم السينما والمسرح المصري، وله بصمة واضحة في تاريخ الفن المصري، لا يزال صوته وأسلوبه في التمثيل يذكران في العديد من الأعمال الفنية التي قدمها على مدار مسيرته الطويلة.

ولقد حقق شهرة واسعة بفضل قدرته الفائقة على أداء أدوار الشر، حتى أطلق عليه الجمهور لقب "بلطجي الشاشة"، وهو اللقب الذي ارتبط به بسبب إتقانه للأدوار السلبية الشريرة التي تجعل المتابعين يعتقدون أن شخصيته في الحياة الحقيقية تتطابق مع تلك الأدوار التي يجسدها على الشاشة.

توفي توفيق الدقن في 26 نوفمبر 1988 عن عمر ناهز 65 عامًا، بعد صراع طويل مع الفشل الكلوي، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا كبيرًا لن يُنسى. ورغم مرور السنوات على رحيله، إلا أن صوته وأدواره لا تزال حاضرة في ذاكرة الأجيال الجديدة من محبي الفن السينمائي والمسرحي.

توفيق الدقن.. الميلاد والنشأة

وُلد توفيق الدقن في 3 مايو 1923 في محافظة المنوفية، وبدأت مسيرته الفنية بعد أن حصل على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية عام 1950، كان شغوفًا بالفن منذ صغره، ما جعله ينضم إلى المسرح الحر في بداية حياته الفنية. وظل في هذا المجال لمدة سبع سنوات، قبل أن ينتقل إلى المسرح القومي، حيث شارك في العديد من العروض المسرحية التي أضافت له شهرة واسعة وأثرت في تكوين شخصيته الفنية. طوال مسيرته الفنية، ظل عضوًا في المسرح القومي حتى تقاعده.

بدأ توفيق الدقن في تقديم أدوار صغيرة في البداية، ولكن سرعان ما برزت موهبته في تجسيد شخصيات ذات طابع شرير، مما جعله يحقق شهرة كبيرة في عالم السينما. كان من أشهر أدواره في السينما الفيلم المصري "ظهور الإسلام" الذي صدر عام 1951، حيث لعب فيه دورًا مهما أسهم في بداية مسيرته الفنية. ومن ثم بدأ يظهر في العديد من الأفلام التي تعكس صورًا لأشخاص سيئي السمعة وأشرار في المجتمع، وهو ما جعله يلقب بـ"بلطجي الشاشة".

ورغم الأدوار الشريرة التي ارتبط بها، فإن توفيق الدقن كان يمتلك حسًا كوميديًا رائعًا، وقد أظهر هذا من خلال بعض الأدوار التي تميزت بخفة الظل والمواقف الفكاهية، مما جعل له جمهورًا واسعًا يعشق تقديمه لهذا النوع من الأدوار. ومن بين أبرز الأعمال التي شارك فيها توفيق الدقن كان فيلم "الأرض" مع المخرج يوسف شاهين، وكذلك "المذنبون"، و"ابن حميدو"، و"الشيطان والخريف"، و"صراع في الميناء"، و"سر طاقية الإخفاء"، و"أحلام الفتى الطائر"، و"مارد الجبل"، و"البلدوزر"، وغيرها من الأفلام التي أثرت في الفن المصري.

لكن على الرغم من نجاحه الفني، فقد واجه توفيق الدقن بعض الصعوبات بسبب طبيعة الأدوار التي اختار أن يؤديها. فقد كانت هذه الأدوار سببًا في وقوعه في العديد من الحوادث المؤسفة التي أثرت عليه شخصيًا. من أبرز هذه الحوادث، وفاة والدته التي تأثرت بشكل عميق من الأدوار الشريرة التي لعبها، حيث كانت تعتقد أنه شرير بالفعل بسبب الألقاب السيئة التي كان يُطلق عليها من قبل الناس. وعاشت قلقًا نفسيًا طوال الفترة التي كان يُعرض فيها العديد من الأفلام التي يظهر فيها توفيق في أدوار الشر، حتى أنها توفيت قهرًا قبل أن تتمكن من سماع تفسيره لهذا الوضع.

وبجانب هذه الحوادث الشخصية، عانى توفيق الدقن أيضًا من العديد من المواقف التي تسبب فيها الناس في معاملته بشكل غير لائق بسبب تصورهم الخاطئ لشخصيته نتيجة أدواره في السينما. فقد تعرض للمضايقات من بعض الأشخاص الذين كانوا يعتقدون أنه شخص سيئ بناء على تجسيده لأدوار اللصوص والبلطجية في الأفلام.

ورغم هذه المواقف الصعبة، إلا أن توفيق الدقن حصل على العديد من الجوائز والتكريمات طوال مسيرته، فقد حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عام 1956، ووسام الاستحقاق، ودرع المسرح القومي، بالإضافة إلى شهادة الجدارة في عيد الفن لعام 1978، كما نال تقديرًا خاصًا من اتحاد الإذاعة والتلفزيون وجمعية كتاب ونقاد السينما، والتي اعتبرت دوره في أفلام مثل "في بيتنا رجل"، و"الشيماء"، و"القاهرة 30" من أبرز أدواره على مدار حياته.

search