السبت، 21 ديسمبر 2024

07:47 م

"قمة المعرفة 2024".. استشراف المستقبل التكنولوجي وأثره على البشرية

الإثنين، 18 نوفمبر 2024 11:23 م

هدير جمعه

جانب من الفعاليات

جانب من الفعاليات

 انعقدت في دبي قمة المعرفة 2024، محطمة آفاقًا جديدة في عالم التكنولوجيا والمعرفة من خلال جمع كوكبة من الخبراء والمفكرين وصنّاع القرار لاستكشاف تأثير التطورات التكنولوجية، خاصة الذكاء الاصطناعي، على مختلف جوانب الحياة البشرية. وقد شهد اليوم الأول من القمة، التي تعتبر من أبرز الأحداث المعرفية العالمية، سلسلة من الجلسات التي تناولت موضوعات عميقة مثل الذكاء العاطفي، الأمن السيبراني، والتغيرات في سوق العمل بفعل الذكاء الاصطناعي، مع نقاشات سلطت الضوء على ضرورة تأقلم الإنسان مع هذه التحولات وتبنيها بشكل أخلاقي.

 الذكاء العاطفي في الذكاء الاصطناعي.. نحو مستقبل واعٍ عاطفياً

افتتحت كيندال بارمار، الشريكة المؤسِّسة والرئيسة التنفيذية لشركة "أنتابد إيه آي"، جلسة بعنوان "وجدان الخوارزميات: ترقية الذكاء العاطفي لدى الذكاء الاصطناعي". تناولت بارمار مستقبل الذكاء الاصطناعي الذي من المتوقع أن يحدث تحولًا هائلًا في الحياة اليومية بحلول عام 2030 من خلال تعزيز قدرة هذه الأنظمة على التفاعل الإنساني بطرق تحاكي المشاعر والعواطف الحقيقية. أوضحت بارمار أن أدوات الذكاء الاصطناعي التي تركز على تعزيز الذكاء العاطفي ستسهم في تحسين جودة التفاعل الاجتماعي وزيادة التفاهم بين البشر والآلات. أضافت أن هذا التطور سيؤدي إلى اندماج الأنظمة الذكية في حياة البشر في مختلف المجالات، بدءًا من العمل والتعليم وصولًا إلى الرعاية الصحية والترفيه.

رأي المحللين يؤكد أن تطبيقات الذكاء العاطفي في الذكاء الاصطناعي ليست مجرد خيال علمي، بل ضرورة ملحة لضمان تواصل أكثر إنسانية مع التكنولوجيا، وهو ما قد يعزز من رفاهية الأفراد والمجتمعات بشكل كبير.

القيادة في عصر التغيير.. سمات القائد المثالي

في جلسة أخرى بعنوان "كيف تصبح القائد الذي ترغب في العمل معه؟"، قدمت ماريا هاغو، مؤسِّسة شركة "ترانسفورم 8"، رؤيتها حول خصائص القادة في عصر التغير السريع. أكدت هاغو أن القيادة الناجحة في الزمن المعاصر تعتمد على وعي القائد باحتياجات فريقه وإعطاء الأولوية للإنسانية في العمل. استشهدت هاغو بدراسة من جامعة أكسفورد توضح أن المؤسسات التي تتبنى مبدأ الرفاهية في بيئة العمل شهدت زيادة في الإنتاجية بشكل ملحوظ. تأتي أهمية هذه النقطة مع تزايد الضغوطات النفسية في أماكن العمل، مما يعزز من ضرورة وجود قادة يمتلكون المهارات اللازمة لدعم فرقهم عاطفيًا ومهنيًا.

 الأمن السيبراني وتحديات المستقبل

من جهة أخرى، استعرضت ليزا فورته، خبيرة الأمن السيبراني، في جلسة "الأمن السيبراني: كيف نحمي وجودنا الرقمي" العلاقة المتشابكة بين الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات. أشارت فورته إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين؛ فهو يسهم في تحسين الأمن الإلكتروني عبر بناء أنظمة قادرة على الإصلاح الذاتي ومواجهة الاختراقات، ولكنه أيضًا يمثل خطورة إذا وقع في أيدي غير مسؤولة، خاصة في ظل انتشار تقنيات التزييف العميق التي تصنع صور وفيديوهات يصعب تمييزها عن الحقيقة.

أثارت فورته نقطة مهمة تتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتقنيات الذكاء الاصطناعي بغرض كشف الحسابات المزيفة وحماية المستخدمين، إلا أنها أكدت على الحاجة الملحة لتبني ممارسات متقدمة لضمان الأمان والخصوصية.

إقرأ أيضًا:

قمة المعرفة 2024 بدبي.. مستقبل التعليم والمهارات في عصر الذكاء الاصطناعي

وظائف المستقبل ومهارات الإنسان في ظل الذكاء الاصطناعي

تطرقت جلسة "استكشاف المهن في عصر الذكاء الاصطناعي"، التي أدارها علاء دلغان، المدير التنفيذي لشركة "كوغنت دي إكس"، إلى التحولات الكبرى التي سيشهدها سوق العمل نتيجة تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. أوضح دلغان أن العديد من المهن الروتينية ستندثر، بينما ستنشأ وظائف جديدة مثل "مهندس أخلاقيات الذكاء الاصطناعي" الذي سيعمل على ضمان الاستخدام الآمن والمسؤول لهذه التقنيات. وتأتي هذه التطورات لتؤكد أهمية جاهزية الأفراد والشركات للتكيف مع الواقع الجديد الذي سيحمل فرصًا وتحديات في الوقت ذاته.

 محاذير التعامل مع الذكاء الاصطناعي

واختتمت جلسة "تقبُّل الجانب الممل من الذكاء الاصطناعي"، التي قدمها كال الضبيب، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في شركة "فيرذر"، بطرح موضوع حساس يتعلق بمحاذير استخدام الذكاء الاصطناعي عند التعامل مع البيانات. أشار الضبيب إلى أن عدم توافر مصادر موثوقة ومتنوعة يجعل الذكاء الاصطناعي غير قادر على استخلاص معلومات دقيقة، مما يعرض المجتمعات لمشاكل كبيرة مثل التضليل الإعلامي وسوء الفهم.

كما استعرض الضبيب مفهوم "بطاقة التعريفات الخاصة بالذكاء الاصطناعي" التي تقدم شرحًا لآليات عمل النماذج الذكية، على غرار بطاقات التغذية المستخدمة في السلع الغذائية، بهدف تعزيز شفافية وفهم المستخدمين لكيفية توظيف هذه التقنيات.

إقرأ أيضًا:

قمة المعرفة 2024 بدبي تنطلق بالذكاء الاصطناعي أم البشري.. أيهما يرسم المستقبل؟»

 مهارات جديدة في عالم التكنولوجيا

سلطت نادين سمرة، المديرة التنفيذية لمنصة "وياك"، الضوء في جلستها "مهارات الإنسان في عالم التكنولوجيا" على أهمية امتلاك الأفراد لمهارات تتجاوز الجوانب التقنية البحتة، مثل المهارات التحليلية، والقدرة على التأقلم والإبداع، والتي باتت ضرورية في عصر التحولات السريعة. أكدت سمرة أن التكيف مع التقنيات الجديدة لا يعني فقط تعلم استخدامها، بل فهم التأثير الاجتماعي والثقافي لها وكيفية توظيفها بشكل يخدم المجتمع ويساهم في تقدمه.

يمثل هذا الحدث فرصة متميزة لتأمل الأبعاد المختلفة لتقنيات المستقبل وأثرها على حياة الأفراد والمجتمعات. فمع استمرار التقدم التكنولوجي، تزداد الحاجة لتطوير حلول تحقق التوازن بين الابتكار وحماية حقوق وخصوصية الأفراد. كما أن القمة تلقي الضوء على أهمية تمكين الأفراد بالمهارات التي تتيح لهم الاستفادة المثلى من التكنولوجيا دون الوقوع في مخاطرها.

 أهمية المعرفة والذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات في تشكيل المستقبل

في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، تبرز المعرفة كعنصر محوري لتحقيق التقدم وضمان ازدهار المجتمعات. يعد الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات من أبرز أدوات هذه الحقبة الحديثة، حيث تمتلك القدرة على تحويل الطريقة التي نتعامل بها مع التحديات والفرص. من تحسين جودة الحياة من خلال التطبيقات الذكية في الرعاية الصحية والتعليم إلى دفع عجلة الابتكار في مختلف القطاعات الاقتصادية، تتزايد أهمية تسخير الذكاء الاصطناعي بشكل مدروس وأخلاقي.

قمة المعرفة 2024 تأتي كمنصة تجمع العقول الرائدة لتبادل الأفكار حول كيفية تحقيق هذا التوازن الدقيق بين الاستفادة القصوى من تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات مع الحفاظ على قيم الإنسانية وحقوق الأفراد. هذا النوع من الفعاليات يعزز من التوعية ويوفر رؤى تساعد في توجيه الجهود نحو بناء أنظمة ذكية تلبي احتياجات المجتمعات وتحد من المخاطر المصاحبة لها.

وبينما نستعد لاستقبال موجة من التطورات بحلول عام 2030، يصبح من الضروري أن تتكاتف الجهود لضمان تطوير مهارات الأفراد بما يمكنهم من مواكبة هذه التحولات واستثمارها في تحسين حياتهم. ستظل المعرفة، بشتى أشكالها، أساسًا يبنى عليه المستقبل، ومفتاحًا لتحقيق التقدم الذي يخدم البشرية، لا سيما في ظل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات كمحفزات للابتكار والنجاح.

إقرأ أيضًا:

الفائزون بجائزة محمد بن راشد للمعرفة يستعرضون إنجازاتهم بقمة 2024

تعد قمَّة المعرفة 2024 منصة مثالية للمشاركين لتبادل الأفكار واستكشاف سبل جديدة للاستفادة من التكنولوجيا بطرق تعود بالنفع على البشرية. ومع توقعات بمزيد من التطورات بحلول عام 2030، يظل الحوار المستمر والوعي بأهمية هذه التحولات من المحاور الأساسية لبناء مستقبل يتسم بالابتكار والازدهار.

غدًا، تستكمل قمة المعرفة 2024 فعالياتها لليوم الثاني، حيث من المنتظر أن تستمر المناقشات والحوارات المعمقة حول تأثيرات التكنولوجيا الحديثة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، على مختلف جوانب الحياة. ومن المتوقع أن تشهد القمة جلسات بارزة تتناول قضايا حيوية مثل التعليم الذكي، التحولات الاقتصادية، وتأثير التكنولوجيا على العلاقات الاجتماعية والثقافية. سيلتقي الخبراء والمفكرون لتبادل الأفكار والبحث في كيفية تحقيق التوازن بين التطورات التقنية المتسارعة واحتياجات الإنسان الأساسية لضمان مستقبل مشرق ومستدام للجميع.

search